أي تنعقد بهم وهم أربعون بالصفات الآتية ( أو ) ليس فيهم جمع كذلك لكن ( بلغهم صوت ) من مؤذن مع اعتدال سمع من بلغه وإن كان واحدا ليخرج الأصم ، ومن جاوز سمعه العادة فلا عبرة به ، ويعتبر في البلوغ العرف : أي بحيث يعلم [ ص: 290 ] أن ما سمعه نداء جمعة وإن لم يبين كلمات الأذان فيما يظهر خلافا لمن اشترط ذلك ( عال ) يؤذن كعادته في علو الصوت ( في هدو ) أي سكون للأصوات والرياح ( من طرف يليهم لبلد الجمعة لزمتهم ) لخبر { ( وأهل القرية ) مثلا ( إن كان فيهم جمع تصح به الجمعة ) } ولأن القرية كالبلد في المسألة الأولى ، والمعتبر أن يكون المؤذن على الأرض لا على عال ، لأنه لا ضبط لحده إلا أن تكون البلدة في الأرض بين أشجار الجمعة على من سمع النداء كطبرستان فإنها بين أشجار تمنع بلوغ الصوت فيعتبر فيها العلو على ما يساوي الأشجار ، واستثناؤهم ذلك لبيان أن المعتبر السماع لو لم يكن مانع فعند وجوده يقدر زواله أو العلو على ما يساويه .
واعتبر الطرف الذي يليهم لأن البلدة قد تكبر بحيث لا يبلغ أطرافها النداء بوسطها فاحتيط للعبادة واعتبر هدو الأصوات والرياح لئلا يمنعا بلوغ النداء أو تعين غلبة الرياح ، ولو سمع المعتدل من بلدين فحضور الأكثر منهما جماعة أولى ، فإن استويا فالأوجه مراعاة الأقرب كنظيره في الجماعة ، ويحتمل مراعاة الأبعد لكثرة الأجر ( وإلا ) أي وإن لم يكن فيهم الجمع المذكور ولا بلغهم الصوت المعتبر ( فلا ) تلزمهم الجمعة ولو كانت القرية مرتفعة فسمعت ولو ساوت لم تسمع ، أو كانت منخفضة فلم تسمع ولو ساوت لسمعت لزمت الثانية دون الأولى اعتبارا بتقدير الاستواء ، وأما الخبر المار فمحمول على الغالب ، إذ لو أخذ بظاهره لزمت البعيد المرتفع دون القريب المنخفض وهو بعيد وإن صححه في الشرح الصغير ، وهل المراد بقولهم لو كان بمنخفض لا يسمع النداء ولو استوت لسمعه لزمته الجمعة أن تبسط هذه المسافة أو أن يطلع فوق الأرض مسامتا لما هو فيه المفهوم [ ص: 291 ] من كلامهم المذكور الاحتمال الثاني كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى في فتاويه . ولو كان بقرية أربعون كاملون حرم عليهم كما أفهمه كلام الرافعي .
وصرح به جمع متقدمون أن يصلوها في المصر سمعوا النداء أم لا لتعطيلهم الجمعة في محلهم ، خلافا لمن صرح بالجواز ، وينبني عليه سقوط الجمعة عنهم لو فعلوا وإن قلنا بعدم الجواز ، إذ الإساءة لا تنافي الصحة ، ولو وافق العيد يوم الجمعة فحضر أهل القرية الذين بلغهم النداء لصلاة العيد فلهم الرجوع قبل صلاتها وتسقط عنهم وإن قربوا منها وسمعوا النداء وأمكنهم إدراكها لو عادوا إليها لخبر { } رواه من أحب أن يشهد معنا الجمعة فليفعل ومن أحب أن ينصرف فليفعل أبو داود ولأنهم لو كلفوا بعدم الرجوع أو بالعود إلى الجمعة لشق عليهم والجمعة تسقط بالمشاق فتستثنى هذه من إطلاق المصنف ومقتضى التعليل أنهم لو لم يحضروا كأن صلوا العيد بمكانهم لزمتهم الجمعة وهو كذلك ومحل ما مر ما لم يدخل وقتها قبل انصرافهم فإن دخل عقب سلامهم من العيد لم يكن لهم تركها كما استظهره الشيخ .