( كحر وبرد مهلكين ) أي شديدين يتضرر منهما ويخاف من ذلك تلف نحو عضو ، أو منفعته إزالة للضرر ، ويؤخذ من جواز لبسه جواز استعماله في غيره بطريق الأولى لأنه أخف ( أو فجاءة حرب ) جائز بضم الفاء وفتح الجيم والمد وبفتح الفاء وسكون الجيم : أي بغتتها ( ولم يجد غيره ) يقوم مقامه للضرورة ، وجوز ( ويحل للرجل ) والخنثى ( لبسه للضرورة ) ابن كج اتخاذ القباء وغيره مما يصلح للقتال وإن وجد غير الحرير مما يدفع لما فيه من حسن الهيئة وانكسار قلوب الكفار كتحلية السيف ونحوه ، ونقله في الكفاية عن جماعة وصححه والأوجه خلافه أخذا بظاهر كلامهم ( و ) يجوز له أيضا ( للحاجة ) ولو ستر العورة به وفي الخلوة إذا لم يجد غيره ، وكذا ستر ما زاد عليها عند الخروج للناس ( كجرب وحكة ) { لعبد الرحمن بن عوف في لبسه للحكة والزبير } متفق عليه . ; لأنه صلى الله عليه وسلم أرخص
والحكة بكسر الحاء : الجرب اليابس ( و ) للحاجة في ( دفع قمل ) ; لأنه لا يقمل بالخاصة .
قال السبكي : الروايات في الرخصة لعبد الرحمن يظهر أنها مرة واحدة اجتمع فيها الحكة والقمل في السفر ، وحينئذ فقد يقال : المقتضي للترخص إنما هو اجتماع الثلاثة وليس أحدهما بمنزلتها فينبغي اقتصار الرخصة على مجموعها ولا يثبت في بعضها إلا بدليل . والزبير
وأجيب بعد تسليم [ ص: 378 ] ظهور أنها مرة واحدة بمنع كون أحدها ليس بمنزلتها في الحاجة التي عهد إناطة الحكم بها من نظر لأفرادها في القوة والضعف ، بل كثيرا ما تكون الحاجة في أحدها لبعض الناس أقوى منها في الثلاثة لبعض آخر ، فلا فرق في ذلك بين السفر والحضر كما أطلقه المصنف وصرح به في المجموع .
ويؤخذ من قوله للحاجة أنه لو وجد مغنيا عنه لم يجز لبسه كالتداوي بالنجاسة ، واعتمده جمع ونازع بعض الشراح فيه بأن جنس الحرير مما أبيح لغير ذلك فكان أخف ، ويرد بأن الضرورة المبيحة للحرير لا يأتي مثلها في النجاسة حتى تباح لأجلها ، فعدم إباحتها لغير التداوي إنما هو لعدم تأتيه فيها لا لكونها أغلظ ، على أن لبس نجس العين يجوز لما جاز له الحرير فهما مستويان فيها ، وفي كلام الشيخ في شرح منهجه ما يدل على ما تقدم ( و ) للحاجة ( للقتال كديباج ) بكسر الدال وفتحها فارسي معرب مأخوذ من التدبيج وهو النقش والتزيين أصله ديباه بالهاء وجمعه ديابيج وديابج ( لا يقوم غيره ) في دفع السلاح ( مقامه ) بفتح الميم ; لأنه من ثلاثي تقول : قام هذا مقام ذاك بالفتح وأقمته مقامه بالضم صيانة لنفسه وذلك في حكم الضرورة .
أما إذا وجد ما يقوم مقامه فيحرم عليه ، وأعاد المصنف هذه المسألة لئلا يتوهم أن الجواز فيما مر مخصوص بحالة الفجأة فقط دون الاستمرار .