( ويصلى على الغائب عن البلد ) ولو في مسافة قريبة دون مسافة القصر وفي غير جهة القبلة والمصلي مستقبلها { النجاشي بالمدينة يوم موته بالحبشة } رواه الشيخان ، وذلك في رجب سنة تسع ، فإن قيل : لعل الأرض زويت له صلى الله عليه وسلم حتى رآه أجيب عنه بوجهين : أحدهما أنه لو كان كذلك لنقل ، وكان أولى بالنقل من الصلاة ; لأنه معجزة ، والثاني أن رؤيته إن كانت لأن أجزاء الأرض تداخلت حتى صارت ; لأنه صلى الله عليه وسلم صلى على الحبشة بباب المدينة لوجب أن تراه الصحابة أيضا ولم ينقل ، وإن كانت لأن الله خلق له إدراكا فلا يتم على مذهب الخصم ; لأن البعد عن الميت عنده يمنع صحة الصلاة وإن رآه ، وأيضا وجب أن تبطل صلاته الصحابة ، وقد أجمع كل من أجاز بأن ذلك يسقط فرض الكفاية إلا ما حكي عن الصلاة على الغائب ابن القطان ، وظاهر أن محل السقوط بها حيث علم بها الحاضرون .
قال الأذرعي : وينبغي أنها لا تجوز على الغائب حتى يعلم أو يظن أنه قد غسل : أي أو يمم بشرطه .
نعم لو علق النية على طهره بأن نوى الصلاة عليه إن كان قد طهر فالأوجه الصحة كما هو أحد احتمالينللأذرعي ، أما الحاضر بالبلد وإن كبرت فلا يصلى عليه لتيسر الحضور ، وشبهوه بالقضاء على من بالبلد مع إمكان إحضاره ، فلو كان الميت خارج السور قريبا منه فهو كداخله ، نقله الزركشي عن صاحب الوافي وأقره : أي ; لأن الغالب أن المقابر تجعل خارج السور ، وعبارته : من كان خارج السور إن كان أهله يستعير بعضهم من بعض لم تجز الصلاة على من هو داخل السور للخارج ولا العكس ا هـ .
ولو تعذر على من في البلد الحضور لحبس أو مرض لم يبعد جواز ذلك كما بحثه الأذرعي ، وجزم به ابن أبي الدم في المحبوس لأنهم قد عللوا المنع بتيسر الذهاب إليه ، وفي معناه إذا قتل إنسان ببلد وأخفي قبره عن الناس والأوجه في القرى المتقاربة جدا أنها كالقرية الواحدة ، ولو جاز وإن لم يعرف عينهم بل تسن ; لأن الصلاة على الغائب جائزة وتعينهم غير شرط . صلى على من مات في يومه أو سنته وظهر في أقطار الأرض