( ولو ) ( عزرهم ) وجوبا ما لم ير في تركه مصلحة كما يؤخذ من باب التعزير ( بحبس وغيره ) ردعا لهم عن هذه الأمور الفظيعة ، وقد فسر النفي في الآية بالحبس ، ومن ثم كان أولى من غيره فلا يتعين ، وله جمع غيره معه كما اقتضاه كلام ( علم الإمام قوما يخيفون الطريق ) أو واحدا ( ولم يأخذوا مالا ) أي نصابا ( ولا ) قتلوا ( نفسا ) المصنف ، ويرجع في قدره وقدر غيره وجنسه لرأي الإمام ، ولا يتعين الحبس كما هو ظاهر ، ولا يتقدر بمدة ، والأولى استدامته إلى ظهور توبته ، وأن يكون بغير بلده ، وأفهم قوله علم أن له الحكم بعلمه هنا نظرا لحق الآدمي ( وإذا ) ولو الجمع اشتركوا فيه واتحد حرزه ، وتعتبر قيمة محل الأخذ بفرض أن لا قطاع ، ثم إن كان محل بيع ، وإلا فأقرب محل بيع إليه من حرزه كأن يكون معه بقربه ملاحظ بشرطه المار من قوته أو قدرته على الاستغاثة . أخذ القاطع نصاب السرقة
قاله الماوردي ، لا يقال : القوة والقدرة تمنع قطع الطريق لما مر أنه حيث لحق غوث لو استغيث لم يكونوا قطاعا .
لأنا نمنع ذلك ، إذ القوة والقدرة بالنسبة للحرز غيرهما بالنسبة لقطع الطريق ; لأنه لا بد فيه من خصوص الشوكة ونحوها كما علم مما مر ، بخلاف الحرز يكفي فيه مبالاة السارق به عرفا ، وإن لم يقاوم السارق من غير شبهة مع بقية شروطها المارة ، ويثبت ذلك برجلين لا بغيرهما إلا بالنسبة للمال وطلب المالك نظير ما مر في السرقة ( قطعت يده اليمنى ) للمال كالسرقة ( ورجله اليسرى ) للمحاربة كما قاله العمراني وجزم به ابن المقري تبعا للروضة بعد ذلك ومع [ ص: 6 ] ذلك هو حد واحد ، وخولف بينهما لئلا تفوت المنفعة كلها من جانب واحد ، ولو فقدت إحداهما ولو قبل أخذ المال ولو لشلها وعدم أمن نزف الدم اكتفى بالأخرى ، ولو عكس ذلك بأن فقد تعدى ، ولزمه القود في رجله إن تعمد ، وإلا فديتها ولا يسقط قطع رجله اليسرى ، ولو قطع الإمام يده اليمنى ورجله اليمنى ، فقد أساء ولا يضمن وأجزأه ، والفرق أن قطعهما من خلاف نص يوجب مخالفته الضمان ، وتقديم اليمنى على اليسرى اجتهاد يسقط بمخالفته الضمان ، ذكره قطع يده اليسرى ورجله اليمنى الماوردي والروياني وتوقف الأذرعي في إيجاب القود وعدم الإجزاء في الحالة الأولى .
قال الزركشي : وقضية الفرق أنه لو قطع في السرقة يده اليسرى في المرة الأولى عامدا أجزأ ; لأن تقديم اليمنى عليها بالاجتهاد : أي وليس كذلك كما مر وأجيب بعدم تسليم أن تقديم اليمنى ثم بالاجتهاد بل بالنص لما مر أنه قرئ شاذا فاقطعوا أيمانهما ، وأن القراءة الشاذة كخبر الواحد .
وينبغي كما قاله الأذرعي مجيء ما مر في السرقة هنا من توقف القطع على طلب الملك وعلى عدم دعوى التملك ونحوه من المسقطات ، فقد قال البلقيني إنه القياس ، وفي الأم ما يقتضيه ، ولا بد من انتفاء الشبهة كما في التنبيه ويحسم موضع القطع كما في السارق ، ويجوز أن تحسم اليد ثم تقطع الرجل وأن يقطعا جميعا ، ثم يحسما ( فإن ) ( فيسراه ويمناه ) يقطعان للآية ( وإن ) فقدتا قبل الأخذ أو ( عاد ) ثانيا بعد قطعهما إلى أخذ المال ( قتل حتما ) ; لأن المحاربة تفيد زيادة ولا زيادة هنا إلا التحتم فلا يسقط بعفو مستحق القود ويستوفيه الإمام ; لأنه حقه تعالى ، قال ( قتل ) قتلا يوجب القود ولو بسراية جرح مات منه بعد أيام قبل الظفر به والتوبة البندنيجي : وإنما يتحتم إن قتل لأخذ المال واعتمده البلقيني وهو الأوجه