الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وتقبل شهادة الحسبة ) مأخوذ من الاحتساب ، وهو الأجر قبل الاستشهاد ولو بلا دعوى بل لا تسمع في محض حدود الله تعالى ، وحينئذ فتسمع في السرقة قبل رد ما لها ( في حقوق الله تعالى ) كصلاة وزكاة وكفارة وصوم وحج عن ميت بأن يشهد بتركها وحق لنحو مسجد ( وفيما له فيه حق مؤكد ) وهو ما لا يتأثر برضا الآدمي بأن يقول حيث لا دعوى أنا أشهد أو عندي شهادة على فلان بكذا وهو ينكر فأحضره لأشهد عليه ، ومحل سماعها عند الحاجة لها حالا ; فلو شهدا بأن فلانا أخو فلانة من الرضاع اعتبر فيه أن يقولا وهو يريد أن ينكحها ، أو أنه أعتقه اعتبر وهو يريد أن يسترقه ، ولا عبرة بقولهما نشهد لئلا ينكحها ( كطلاق ) بائن أو رجعي ولو خلعا لكن محله بالنسبة للفراق دون المال ( وعتق ) بأن يشهد به أو بالتعليق دون وجود الصفة أو بالتدبير مع الموت أو بما يستلزمه كإيلاد ، ولا تسمع في شراء قريب لأنها شهادة بالملك والعتق يترتب عليه ، وفارق ما مر في الخلع بأن المال فيه تبع للفراق وهنا العتق تبع للمال ، ولو ادعى قنان على مالكهما أنه أعتق أحدهما وقامت به بينة سمعت وإن كانت الدعوى فاسدة ، إذ بينة الحسبة تستغني عن تقدم دعوى ، ويتجه فرضه فيما لو حضر السيد أو غاب غيبة شرعية وإلا فلا بد من حضوره . ويؤخذ منه ترجيح القول بأن كل ما قبلت فيه شهادة الحسبة ينفذ الحكم فيه بها وإن ترتب على دعوى فاسدة ( وعفو عن قصاص ) لأنها شهادة بإحياء نفس ، وهو حق الله تعالى ( وبقاء عدة وانقضائها ) لما ترتب على الأول من صيانة الفرج عن استباحته بغير حقه ، ولما في الثاني من الصيانة والتعفف بالنكاح ، ومن ذلك تحريم الرضاع والمصاهرة والبلوغ والإسلام والاستسلام والوقف والوصايا العامة لا إن كانا لجهة خاصة ( وحد له ) تعالى كالزنى والشرب وقطع الطريق ، [ ص: 307 ] لكن الستر في الحدود أفضل ، واحترز المصنف عن حق الآدمي فلا تقبل فيه كقصاص وحد قذف وبيع وإقرار ( وكذا النسب على الصحيح ) لأن فيه حقا لله تعالى إذ الشرع أكد الأنساب ومنع قطعها فضاهى الطلاق والعتاق .

                                                                                                                            والثاني لا ، لتعلق حق الآدمي فيه

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 306 ] ( قوله : أو أنه أعتقه اعتبر ) أي أن يقولا وهو يريد إلخ ( قوله : لئلا ينكحها ) أي وإن كانا مريدين سفرا وخشيا أن ينكحها في غيبتهما ( قوله : لكن محله ) أي في الخلع ( قوله : وقامت به بينة سمعت ) أي ويرجع إليه في بيانه ، فلو لم يبين حبس حتى يبين ( قوله : والاستسلام ) أي بأن يقول طلبت منه الإسلام وأتى به [ ص: 307 ] قوله : واحترز المصنف ) أي بقوله في حقوق الله إلخ ( قوله : إذ الشرع أكد ) أي حث على حفظها



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : من الاحتساب وهو الأجر ) عبارة التحفة : من احتسب بكذا أجرا عند الله اتخذه ينوي به وجه الله ( قوله : ولو بلا دعوى ) قضية الغاية أنها قد تقع بعد الدعوى وتكون شهادة حسبة ، وليس كذلك فقد صرح الأذرعي وغيره أنها بعد الدعوى لا تكون حسبة ( قوله : وزكاة وكفارة ) صريح هذا السياق أنهما محض حقه تعالى ، وسيأتي آخر الفصل أن فيهما حق الآدمي فليحرر ( قوله : بل لا تسمع ) أي الدعوى ( قوله : قبل رد مالها ) أي بخلافها بعده فإنه يصير محض حد لله تعالى ، وقوله وحينئذ إلخ أولى من قول الشهاب حج إلا إن تعلق بها حق آدمي كسرقة قبل رد مالها إذ الاستثناء فيه صوري ( قوله : أو بالتعليق مع وجود الصفة أو بالتدبير مع الموت ) في جعل هذين من صور الشهادة بالعتق وعطفه عليه قوله أو بما يستلزمه إشارة إلى رد ما قاله الأذرعي من أن محل عدم قبول الشهادة بالتعليق والتدبير المجردين في حياة المدبر وقبل وجود الصفة ، أما بعد الموت ووجود الصفة فتكفي الشهادة بهما مجردين ( قوله : وفارق ما مر في الخلع إلخ ) قد يقال : إنه لا حاجة لهذا الفرق لما مر أن شهادة الحسبة لا أثر لها في المال في مسألة الخلع أصلا ، والفرق يوهم تأثيرها فيه فتأمل ( قوله : من الصيانة ) لعله من وطء الزوج بأن يراجع ، وعلى هذا فهو مختص بالرجعي ( قوله : والاستسلام ) انظر ما معناه ومثله في الدميري ، وفي حاشية الشيخ أن معناه طلب الإسلام ثم الإسلام بعده ، ولا يخفى أنه حينئذ يغني عنه ما قبله إذ لا دخل للطلب ( قوله : العامة ) وصف للوقف والوصايا باعتبار أفراد الوصايا [ ص: 307 ] قوله : واحترز المصنف عن حق الآدمي إلخ ) الأولى تأخيره عن قول المصنف وكذا النسب على الصحيح ( قوله : والثاني لا لتعلق حق الآدمي فيه ) عبارة الجلال والثاني هو حق آدمي وهو الصواب




                                                                                                                            الخدمات العلمية