الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويستحب للإمام ) عند قوتنا أخذا مما مر ( مماكسة ) أي طلب زيادة على دينار ( حتى ) يعقد بأكثر من دينار كدينارين لمتوسط وأربعة لغني ليخرج من خلاف أبي حنيفة فإنه لا يجيزها إلا بذلك بل حيث أمكنته الزيادة ، [ ص: 93 ] وإن علم أو ظن إجابتهم إليها وجبت عليه إلا لمصلحة ، وحيث علم أو ظن أنهم لا يجيبونه بأكثر من دينار فلا معنى للمماسكة لوجوب قبول الدينار ، وعدم جواز إجبارهم على أكثر من حينئذ ، والمماكسة تكون عند العقد إن عقد على الأشخاص فحيث عقد على شيء امتنع أخذ زائد عليه ، ويجوز عند الأخذ إن عقد على الأوصاف كصفة الغني أو التوسط ، وحينئذ فيسن للإمام أو نائبه مماكستهم حتى ( يأخذ من ) كل ( متوسط ) آخر الحول ، ولو بقوله ما لم يثبت خلافه ( دينارين فأكثر و ) من كل ( غني ) كذلك ( أربعة ) من الدنانير فأكثر ، والأوجه ضبط الغني والمتوسط هنا وفي الضيافة بالنفقة بجامع أنه في مقابلة منفعة تعود إليه لا بالعاقلة ، إذ لا مواساة هنا ولا بالعرف لاختلافه باختلاف الأبواب ، أما السفيه فيمتنع عقده أو عقد وليه بأكثر من دينار ، فإن عقد رشيد بأكثر ، ثم حجر عليه أثناء الحول اتجه لزومه ما عقد به ، كما لو استأجر بأكثر من أجرة المثل ، ثم سفه فيؤخذ منه الأكثر كما هو ظاهر ( ولو ) ( عقدت بأكثر ) من دينار ( ثم علموا جواز دينار ) ( لزمهم ما التزموه ) كمن غبن في الشراء ( فإن أبوا ) من بذل الزيادة ( فالأصح أنهم ناقضون ) للعهد بذلك فيختار الإمام فيهم ما يأتي ، والثاني لا ويقنع منهم بالديار

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله أخذا مما مر ) أي في قوله ولا حد لأكثرها أما عند ضعفنا إلخ ، وقد يتوقف في الأخذ بأن محل الجواز بالأقل حيث لم يرضوا بأكثر ، وهذا لا ينافي استحباب المماكسة لاحتمال أن يجيبوا للعقد بأكثر ( قوله : فإنه لا يجيزها إلا بذلك ) أي بالأربعة في الغني وبدينارين في المتوسط [ ص: 93 ] قوله : وجبت عليه ) أي فلو عقد بأقل أثم وينبغي صحة العقد بما عقد به لما تقدم من أن المقصود الرفق بهم تألفا لهم في الإسلام ومحافظة لهم على حقن الدماء ما أمكن ( قوله : ولا تجوز ) أي المماكسة ( قوله فذلك ) أي آخر الحول ولو بقوله ( قوله : كالنفقة ) نقل سم عدم اعتماد أنه كالعاقلة ، وهو أن يملك فوق عشرين دينارا بعد الجزية ، وكتب قوله كنفقة : أي بأن يزيد دخله على خرجه ( قوله : لا بالعاقلة ) أي وهو أن يملك بعد كفاية العمر الغالب أكثر من عشرين دينارا والمتوسط بعد كفاية العمر الغالب أقل من عشرين دينارا ( قوله : فيمتنع عقده ) أي يمتنع علينا وعلى وليه العقد معه ، وإن رغب في ذلك ( قوله : لزمهم ما التزموه ) أي في كل سنة مدة بقائهم



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : ليخرج من خلاف أبي حنيفة ) هذا التعليل يقتضي أن [ ص: 93 ] الاستحباب مغيا بأحد دينارين من المتوسط وأربعة من الغني الذي هو ظاهر المتن فلا بد من علة أخرى لاستحباب الزيادة ( قوله : وإن علم ) أي الوكيل : أي ولا يقال إن تصرف الوكيل منوط بالمصلحة للموكل ( قوله : ويجوز عند الأخذ إن عقد على الأوصاف إلخ ) كعقدت لكم على أن على الغني أربعة والمتوسط ديناران والفقير دينار مثلا ، ثم عند الاستيفاء إذا ادعى أنه فقير أو متوسط يقول بل أنت غني مثلا فعليك أربعة ، هكذا نقله ابن قاسم عن الشارح . وحاصله أن المراد بالمماكسة هنا منازعته في الغنى وضديه ، وليس المراد المماكسة المارة . ثم إطلاقه ، يقتضي استحباب منازعته في نحو الغني وإن علم فقره وفيه ما فيه ( قوله : لاختلافه ) لعل الضمير للغني والمتوسط .

                                                                                                                            فتأمل ( قوله : فيمتنع عقده أو عقد وليه إلخ ) ظاهره أنه يصح عقد السفيه بدينار فليراجع




                                                                                                                            الخدمات العلمية