الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو ) ( حضر جمع للمناضلة فانتصب ) منهم برضاهم ( زعيمان ) فلا يكفي واحد ( يختاران ) قبل العقد ( أصحابا جاز ) ويكون كل حزب في الإصابة والخطأ كالشخص الواحد .

                                                                                                                            ويشترط كما قاله القاضي الحسين أحذق الجماعة ، وأن تقسم السهام عليهم بلا كسر ، فإن تحازبوا ثلاثة ثلاثة اشترط أن يكون للسهام ثلث صحيح كالثلاثين ، وإن تحازبوا أربعة أربعة فربع صحيح كأربعين ، [ ص: 172 ] ولا يجوز أن يختار واحد جميع حزبه أولا لئلا يأخذ الحذاق ، ويشترط تساوي عدد الحزبين كما قاله العراقيون ، وبه أجاب البغوي ، وقال الإمام : لا يشترط ذلك ( ولا يجوز شرط تعيينهما ) أي الأصحاب ( بقرعة ) لأنها قد تجمع الحذاق في جانب وضدهم في آخر فيفوت مقصود المناضلة ، نعم إن ضم حاذق إلى غيره من كل جانب وأقرع فلا بأس قاله الإمام ، وهو ظاهر لانتفاء المحذور المذكور ( فإن اختار ) أحد الزعيمين ( غريبا ظنه راميا فبان خلافه ) أي غير محسن لأصل الرمي ( بطل العقد فيه وسقط من الحزب الآخر واحد ) في مقابلته ليحصل التساوي ، قال جمع واعتمده البلقيني ، وغيره هو ما اختاره زعيمه في مقابلته لما مر من أن كل زعيم يختار واحدا ثم الآخر في مقابلته واحدا وهكذا ، لكن يرده أنه لو كان كذلك لم يتأت قولهم الآتي وتنازعوا فيمن يسقط بدله .

                                                                                                                            أما لو بان ضعيف الرمي أو قليل الإصابة فلا فسخ لأصحابه أو فوق ما ظنوه فلا فسخ للحزب الآخر ( وفي بطلان ) العقد في ( الباقي قولا ) تفريق ( الصفقة ) وأصحهما الصحة فيصح هنا ( فإن صححنا فلهم جميعا الخيار ) بين الفسخ والإجازة للتبعيض ( فإن أجازوا وتنازعوا فيمن يسقط بدله فسخ العقد ) لتعذر إمضائه ( وإذا نضل حزب قسم المال ) بينهم ( بحسب الإصابة ) لأنهم استحقوا بها ، فمن لا إصابة له لا شيء له ، ومن أصاب أخذ بحسب إصابته ( وقيل ) يقسم بينهم ( بالسوية ) لأنهم كشخص واحد كما أن المنضولين يغرمون بالسوية ، وهذا هو الأصح في الروضة والأشبه في الشرحين بل قال الإسنوي : إن ترجيح الأول سبق قلم ( ويشترط في الإصابة المشروطة أن تحصل بالنصل ) الذي في السهم دون فوقه وعرضه بالضم لأنه المتعارف ، نعم إن قارن ابتداء رميه ريح عاصفة لم يحسب له إن أصاب ولا عليه إن أخطأ لقوة تأثيرها ( فلو تلف وتر أو قوس ) قبل خروج السهم لا بتقصيره وسوء رميه ( أو عرض شيء ) كشخص أو بهيمة ( انصدم به السهم وأصاب حسب له ) لأن الإصابة مع النكبة العارضة تدل على جودة رميه وقوته ( وإلا ) أي وإن لم يصب ( لم يحسب عليه ) إحالة على السبب العارض ، فإن تلف الوتر أو القوس لسوء رميه وتقصيره حسب عليه ( ولو نقلت ريح الغرض فأصاب موضعه حسب له ) إذ لو كان فيه لأصابه ( وإلا ) بأن لم يصب موضعه ( فلا يحسب عليه ) إحالة على السبب العارض ، وقول الشارح : وما بعد إلا مزيد على المحرر ، وفي الروضة كأصلها ، ولو أصاب الغرض في الموضع المنتقل إليه حسب عليه لا له ولا ترد على المنهاج [ ص: 173 ] فيه إشارة إلى أن كلامه فيما إذا طرأت الريح بعد الرمي ونقلت الغرض عن موضعه ، وكلام الروضة فيما إذا كانت الريح موجودة في الابتداء فيحسب عليه لتفريطه فهما مسألتان ، وهذا هو الذي يعول عليه .

                                                                                                                            وأما ما فهمه ابن شهبة ونقله في شرحه الصغير وقاله في المهمات ونقله النجم بن قاضي عجلون في تصحيحه عن الأذرعي بأنه سبق قلم من المنهاج ، فمبني على اتحاد تصوير مسألة المنهاج والروضة ( ولو شرط خسق فثقب ) السهم الغرض ( وثبت ) فيه ( ثم سقط أو لقي صلابة ) منعته من ثقبه ( فسقط حسب له ) لعذره ، ويندب حضور شاهدين عند الغرض ليشهدا على ما يريانه من إصابة وعدمها وليس لهما أن يمدحا المصيب ولا أن يذما المخطئ لأن ذلك يخل بالنشاط قال ابن كج : لو تراهن رجلان على قوة يختبران بها أنفسهما كالقدرة على رقي جبل أو إقلال صخرة أو أكل كذا أو نحو ذلك كان من أكل أموال الناس بالباطل وكله حرام ، ومن هذا النمط ما يفعله العوام في الرهان على حمل كذا من موضع كذا إلى مكان كذا وإجراء الساعي من طلوع الشمس إلى الغروبكل ذلك ضلالة وجهالة مع ما يشتمل عليه من ترك الصلوات وفعل المنكرات

                                                                                                                            التالي السابق



                                                                                                                            الخدمات العلمية