( ولو ) قال ( حلف لا يدخلها ) أي الدار ( وهو فيها أو لا يخرج ) منها ( وهو خارج ) ابن الصباغ : أو لا يملك هذه العين وهو مالكها فاستدام ملكها ( فلا حنث بها ) لأن حقيقة الدخول انفصاله من خارج لداخل والخروج عكسه ولم يوجدا في الاستدامة ولأنهما لا يتقدران بمدة ، نعم لو نوى بعدم الدخول الاجتناب فأقام أو بعدم الخروج أن لا ينقل أهله مثلا فنقلهم حنث ( أو ) ( حنث ) لتقديرها بزمان تقول لبست يوما وركبت ليلة وشاركته شهرا وكذا البقية ، وإذا حنث باستدامة شيء ثم حلف أن لا يفعله فاستدامه لزمه كفارة أخرى لانحلال يمينه الأولى باستدامته الأولى ، [ ص: 190 ] وقضيته أنه لو حلف ( لا يتزوج أو لا يتطهر أو لا يلبس أو لا يركب أو لا يقوم أو لا يقعد ) أو لا يشارك فلانا أو لا يستقبل القبلة ( فاستدام هذه الأحوال ) تكرر الطلاق بتكرر الاستدامة فتطلق ثلاثا بمضي ثلاث لحظات وهي لابسة ، ودعوى أن ذكر كلما قرينة صارفة للابتداء ممنوعة ولو قال كلما لبست فأنت طالق إلا إن استمر لابسا إليه ؟ . حلف لابس لا يلبس إلى وقت كذا فهل تحمل يمينه على عدم إيجاده لبسا قبل ذلك الوقت فيحنث باستدامة اللبس ولو لحظة أو على الاستدامة إلى ذلك الوقت فلا يحنث
الأوجه الأول كما يدل له قولهم الفعل المنفي بمنزلة النكرة المنفية في إفادة العموم أما لو استدام التسري من حلف لا يتسرى فإنه يحنث كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى لأنه حجب الأمة عن أعين الناس وإنزاله فيها وذلك حاصل مع الاستدامة ( قلت : تحنيثه باستدامة التزوج والتطهر غلط لذهول ) عما في الشرحين فقد جزم فيهما بعدم الحنث كما هو المنقول المنصوص لعدم تقديرهما بمدة كالدخول والخروج فلا يقال تزوجت ولا تطهرت شهرا مثلا بل منذ شهر ، ومحل عدم الحنث فيهما إن لم ينو استدامتهما وإلا حنث بهما جزما ( واستدامة طيب ليست تطيبا في الأصح ) لعدم تقديره بمدة عادة ولهذا لم تلزمه بها فدية فيما لو تطيب قبل إحرامه ثم استدامه والثاني نعم لأنه منسوب إلى التطيب ( وكذا وطء ) وغصب ( وصوم وصلاة ) فلا يحنث باستدامتها في الأصح ( والله أعلم ) إذ المراد في نحو نكح أو وطئ فلانة أو غصب كذا وصام شهرا استمرار مدة أحكام تلك لا حقيقتها لانفصالها بانقضاء أدنى زمن في الثلاثة الأول وبمضي يوم لا بعضه في الصوم والصلاة لم يعهد عرفا ولا شرعا تقديرها بزمن بل بعدد الركعات ، ولا ينافي ما تقرر في الوطء جعلهم استدامته في الصوم بعد الفجر مع علمه بالحال مفسدا .
لأن ذلك لمعنى آخر أشاروا إليه بقولهم تنزيلا لمنع الانعقاد منزلة الإبطال واستدامة السفر سفر ولو بالعود منه واعلم أن كل ما يقدر عرفا بمدة من غير تأويل بل يكون دوامه كابتدائه فيحنث باستدامته وما لا فلا ، ولو حنث كما هو الأوجه أخذا من كلامهم [ ص: 191 ] فيمن نذر اعتكاف شهر أو سنة مثلا قالوا لصدق الاسم بالمتفرق والمتوالي ، بخلاف ما لو حلف لا يكلمه شهرا لأن مقصود اليمين الهجر لا يتحقق بدون تتابع ، ولا ينافيه ما في الروضة أنه لو حلف لا يقيم بمحل ثلاثة أيام وأطلق فأقام به يومين ثم سافر ثم عاد وأقام به يوما فلا حنث ، لأن المعلق عليه وجد هنا لا ثم ، لأن المكث أكثر من ثلاثة أيام للضيافة والرجوع ولو بقصد الضيافة لا يسمى ضيافة لاختصاصها بالمسافر بعد قدومه حلف لا تمكث زوجته في الضيافة أكثر من ثلاثة أيام فخرجت منها لثلاث فأقل ثم رجعت إليها