( ولا يصح ) ( نذر معصية ) لخبر مسلم { لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملكه ابن آدم } وأفهم كلام المصنف أنه لو نذر أن يصلي في مغصوب لم ينعقد ، وبه قال الزركشي وهو أوجه من قول غيره ينعقد ويصلي في غيره ، ويؤيد الأول عدم انعقاد نذر صلاة لا سبب لها في وقت الكراهة وصلاة في ثوب نجس وكالمعصية المكروه لذاته أو لازمه كصوم الدهر لمن يتضرر به ، ولا يستثنى من ذلك صحة إعتاق الراهن الموسر لأنه جائز كما مر في بابه ، وقد اختلف من أدركناه من العلماء في نذر من افترض شيئا لمقرضه كل يوم كذا ما دام دينه أو شيء منه في ذمته ، فذهب بعضهم لعدم صحته لأنه على هذا الوجه الخاص ليس قربة بل يتوصل به إلى ربا النسيئة ، وذهب بعضهم وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى إلى صحته لأنه في مقابل نعمة ربح المقرض أو اندفاع نقمة المطالبة إن احتاج لبقائه في ذمته لارتفاق ونحوه ، ولأنه يسن للمقترض رد زيادة عما اقترضه ، فإذا التزمها ابتداء بالنذر لزمته فهو حينئذ مكافأة إحسان لا وصلة للربا إذ هو لا يكون إلا في عقد كبيع ، ومن ثم لو شرط عليه النذر في عقد القرض كان ربا ، وذهب بعضهم إلى الفرق بين مال اليتيم وغيره ، ولا وجه له .
ولو اقتصر على قوله في نذره ما دام مبلغ القرض في ذمته ثم دفع المقترض شيئا منه بطل حكم النذر لانقطاع الديمومة ( ولا ) نذر ( واجب ) عيني كصلاة الظهر أو مخير كأحد خصال كفارة اليمين [ ص: 224 ] مبهما ، بخلاف ما لو التزم أعلاها أو واجب على الكفاية تعين بخلافه إذا لم يتعين فيصح نذره سواء احتيج في أدائه لمال كجهاد وتجهيز ميت أم لا كصلاة جنازة وذلك لأنه لزم عينا بالتزام الشرع قبل النذر فلا معنى لالتزامه ، ولو نذر ذو دين حال عدم مطالبة غريمه فإن كان معسرا لم يصح لأن إنظاره واجب أو موسرا قصد إرفاقه لارتفاع سعر سلعته ، ونحو ذلك لزمه لأن القربة فيه حينئذ ذاتية وهو مع ذلك باق على حلوله لكن منع من المطالبة به مانع ، وكثيرا ما تنذر المرأة أنها ما دامت في عصمته لا تطالب زوجها بحال صداقها وهو حينئذ نذر تبرر إن رغبت حال نذرها في بقائها في عصمته ، ولها أن توكل في مطالبته وأن تحيل عليه لأن النذر شمل فعلها فقط ، فإن زادت فيه ولا بوكيلها ولا تحيل عليه لزم وامتنع جميع ذلك كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، ولو أسقط المديون حقه من النذر لم يسقط ، ولو نذر أن لا يطالبه مدة فمات قبلها كان لوارثه المطالبة كما قاله الولي العراقي وغيره خلافا للإسنوي ومن تبعه .


