( ولا تقبل من عدو ) على عدوه عداوة دنيوية ظاهرة إذ الباطنة لا يعلمها إلا الله لأنه قد ينتقم منه بشهادة باطلة عليه ، ومن ذلك أن يشهدا على ميت بحق فيقيم الوارث بينة بأنهما عدوان له فلا يقبلان عليه في أوجه الوجهين لأنه الخصم حقيقة لانتقال التركة لملكه خلافا لما بحثه التاج الفزاري وأفتى به الشيخ محتجا بأن المشهود عليه في الحقيقة الميت ( وهو من يبغضه بحيث يتمنى زوال نعمته ويحزن بسروره ويفرح بمصيبته ) لشهادة العرف بذلك ، وما اعترض به البلقيني من أن البغض دون العداوة لأنه بالقلب وهي بالفعل فكيف يفسر الأغلظ بالأخف ؟ رد بمنع تفسيرها بالبغض فقط بل به بقيد ما بعده ، وهذا مساو للعداوة الظاهرة بل أشد منه . وقول الأذرعي إنها إذا انتهت إلى ذلك فسق بها لأنه حينئذ حاسد والحسد فسق والفاسق مردود الشهادة حتى على صديقه ، ولهذا صرح الرافعي بأن المراد العداوة الخالية عن الفسق يرد بأن المراد وصول الأمر لتلك الحيثية بالقوة لا بالفعل ، وحينئذ فلم توجد منه حقيقة الحسد المفسقة بل حقيقة العداوة غير المفسقة فصح كونه عدوا غير حاسد ، وحصر البلقيني العداوة في الفعل ممنوع ، وإنما الفعل قد يكون دليلا عليها على أنه نقل عن الأصحاب أن المراد بها المفسقة فحينئذ لا إشكال أصلا ، والعداوة قد تكون من الجانبين وقد تكون من أحدهما فيختص برد شهادته على الآخر ، فلو عادى من يريد شهادته عليه وبالغ في خصومته فلم يجبه قبلت شهادته عليه ، والقاذف قبل الشهادة عدو للمقذوف وإن لم يطالبه بالحد ، وكذا دعوى قطع الطريق يصير المدعي عدوا لمن زعم أنه قاطعها وإن لم يظهر بينهما بغض نص عليه ، وقد يؤخذ منه [ ص: 305 ] أن كل من رمى غيره بكبيرة في غير شهادة صار عدوا له وهو غير بعيد ( وتقبل له ) حيث لم تصل إلى حسد مفسق لانتفاء التهمة ( وكذا ) تقبل ( عليه في عداوة دين ) ( ككافر ) شهد عليه مسلم ( ومبتدع ) شهد عليه سني لأن هذه لا تمنع قبولها ، وجرح العالم لراوي الحديث ونحوه كالمفتي نصيحة لا تمنعها


