قوله ( ) . وهذا المذهب قاله في الفروع ، وغيره . وعليه جماهير الأصحاب . قال في القاعدة الخمسين بعد المائة . : منع الأصحاب من ولا يقبل الهدية إلا ممن كان يهدى إليه قبل ولايته بشرط أن لا يكون له حكومة . وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والوجيز ، والمحرر ، والنظم ، والرعاية الصغرى ، والحاوي ، وغيرهم . وقدمه في الرعاية الكبرى . وقيل : له أن يقبلها ممن كان يهدي إليه قبل ولايته ، ولو كان له حكومة . قبول القاضي الهدية قلت : وهو بعيد جدا . وقال أبو بكر في التنبيه : لا يقبل الهدية ، وأطلق . وذكر جماعة من الأصحاب : لا يقبل الهدية ممن كان يهدي إليه قبل ولايته إذا أحس أن له حكومة . [ ص: 211 ] وجزم به في المغني ، والشرح ، والرعاية ، وغيرهم . قلت : وهو الصواب . قال في المستوعب : ولا يقبل الهدية إلا من ذي رحم محرم منه . وما هو ببعيد . وقال في الجامع الصغير : ينبغي أن لا يقبل هدية إلا من صديق ، كان يلاطفه قبل ولايته ، أو ذي رحم محرم منه ، بعد أن لا يكون له خصم . انتهى . وعبارته في المستوعب قريبة من هذه . وذكر في الفصول احتمالا : أن القاضي في غير عمله كالعادة . فوائد القاضي
الأولى : حيث قلنا بجواز قبولها ، فردها أولى . بل يستحب . صرح به وغيره . قال في الفروع : ردها أولى . وقال القاضي ابن حمدان : يكره أخذها .
الثانية : لا يحرم على المفتي أخذ الهدية . جزم به في الفروع ، وغيره . وقيل في آداب المفتي ، وأما الهدية : فله قبولها . وقيل : يحرم إذا كانت رشوة على أن يفتيه بما يريد . قلت : أو يكون له فيه نفع من جاه أو مال فيفتيه لذلك بما لا يفتى به غيره ممن لا ينتفع به كنفع الأول . انتهى . [ ص: 212 ] وقال ابن مفلح في أصوله : وله قبول هدية . والمراد : لا ليفتيه بما يريده ، وإلا حرمت . زاد بعضهم : أو لنفعه بجاهه أو ماله . وفيه نظر . ونقل المروذي لا يقبل هدية إلا أن يكافئ . وقال : لو جعل للمفتي أهل بلد رزقا ليتفرغ لهم : جاز . وقال في الرعاية : هو بعيد . وله أخذ الرزق من بيت المال . وتقدم أن للحاكم طلب الرزق له ولأمنائه وهل يجوز له الأخذ إذا لم يكن له ما يكفيه أم لا ؟ وكذلك المفتي في أوائل " باب القضاء " .
الثالثة : " الرشوة " ما يعطى بعد طلبه ، و " الهدية " الدفع إليه ابتداء . قاله في الترغيب . ذكره عنه في الفروع في " باب حكم الأرضين المغنومة " .
الرابعة : حيث قلنا لا يقبل الهدية ، وخالف وفعل : أخذت منه لبيت المال على قول . لخبر ابن اللتبية . وهو احتمال في المغني ، والشرح . وقيل : ترد إلى صاحبها ، كمقبوض بعقد فاسد . وهو الصحيح . قدمه في المغني ، والشرح . وقيل : لا يملكها إن عجل مكافأتها . وأطلقهن في الفروع . فعلى
الوجه الأول : تؤخذ هدية العامل للصدقات . ذكره . واقتصر عليه في الفروع ، وقال : فدل على أن في انتقال الملك في الرشوة والهدية : وجهين . قال : ويتوجه . [ ص: 213 ] إنما في الرعاية : أن الساعي يعتد لرب المال بما أهداه إليه . نص عليه . القاضي : لا ، مأخذه ذلك . ونقل وعنه مهنا فيمن اشترى من وكيل ، فوهبه شيئا : أنه للموكل . وهذا يدل لكلام المتقدم . ويتوجه فيه ، في نقل الملك : الخلاف . وجزم به القاضي ابن تميم في عامل الزكاة إذا ظهرت خيانته برشوة أو هدية : أخذها الإمام لا أرباب الأموال . وتبعه في الرعاية ، ثم قال : قلت : إن عرفوا رد إليهم . قال رحمه الله فيمن ولي شيئا من أمر السلطان : لا أحب له أن يقبل شيئا . يروى " هدايا الأمراء غلول " . والحاكم خاصة : لا أحبه له ، إلا ممن كان له به خلطة ووصلة ومكافأة قبل أن يلي . واختار الإمام أحمد الشيخ تقي الدين رحمه الله فيمن كسب مالا محرما برضى الدافع ، ثم تاب ، كثمن خمر ومهر بغي ، وحلوان كاهن : أن له ما سلف . وقال أيضا : لا ينتفع به ولا يرده ، لقبضه عوضه ويتصدق به . كما نص عليه رحمه الله في حامل الخمر . وقال في مال مكتسب من خمر ونحوه : يتصدق به . فإذا تصدق به : فللفقير أكله ، ولولي الأمر أن يعطيه لأعوانه . وقال أيضا فيمن تاب : إن علم صاحبه دفعه إليه ، وإلا دفعه في مصالح المسلمين . وله مع حاجته أخذ كفايته . وقال في الرد على الرافضي في بيع سلاح في فتنة وعنب لخمر : يتصدق بثمنه . [ ص: 214 ] وقال : هو قول محققي الفقهاء . وقال في الفروع : كذا قال . وقوله مع الجماعة أولى . وتقدم ما يقرب من ذلك في " باب الغصب " عند قوله " وإن بقيت في يده غصوب لا يعرف أربابها " . الإمام أحمد
الخامسة : لا يجوز ، ونحوه . ذكره إعطاء الهدية لمن يشفع عند السلطان وأومأ إليه . لأنها كالأجرة . والشفاعة من المصالح العامة ، فلا يجوز أخذ الأجرة عليها . وفيه حديث صريح في السنن . ونص القاضي رحمه الله فيمن عنده وديعة فأداها . فأهديت إليه هدية : أنه لا يقبلها إلا بنية المكافأة . وحكم الهدية عند سائر الأمانات : كحكم الوديعة . قاله في القاعدة الخمسين بعد المائة . الإمام أحمد