[ ص: 354 ] باب إحياء الموات قوله ( وهي الأرض الداثرة التي لا يعلم أنها ملكت ) . قال أهل اللغة " الموات من الأرض هي التي لم تستخرج ولم تعمر " . قال الحارثي : وظاهر إيراد : تعريف " الموات " بمجموع أمرين : الاندراس ، وانتفاء العلم ، تحصيلا للمعنى المتقدم عن أهل اللغة : أنه الذي لم يستخرج ، ولم يعمر . وعليه نص الإمام المصنف وذكره . قال : ولو اقتصر أحمد على ما قالوا لكان أولى وأبين . فإن الدثور يقتضي حدوث العطل بعد أن لم يكن ، حيث قالوا : قدم ودرس . وذلك يستلزم تقدم عمارة . وهو مناف لانتفاء العلم بالملك . قال : ويحتمل أن يريد بالدائرة : التي لم تستخرج ولم تعمر . وهو الأظهر من إيراده لقوله بعده " فإن كان فيها آثار الملك " . فعلى هذا يكون وصف " انتفاء العلم بالملك " تعريفا لما يملك بالإحياء من الموات ، لا لماهية الموات . وذلك حكم من الأحكام . ثم ما يملك بالإحياء ، لا يكفي فيه ما قال . فإن حريم العامر ، وما كان حمى أو مصلى : لا يملك ، مع أنه غير مملوك . ويرد أيضا على ما قال : ما علم ملكه لغير معصوم . فإنه جائز الإحياء . قال : والأضبط في هذا : ما قيل " الأرض المنفكة عن الاختصاصات ، وملك المعصوم " فيدخل كل ما يملك بالإحياء . ويخرج كل ما لا يملك به . انتهى . قوله ( فإن كان فيها آثار الملك ولا يعلم لها مالك : فعلى روايتين ) إن المصنف : ملك بالإحياء بلا خلاف . ونص عليه مرارا . وإن علم له مالك بشراء أو عطية ، والمالك موجود هو أو أحد من ورثته : [ ص: 355 ] لم يملك بالإحياء بلا خلاف ، بل هو إجماع . حكاه كان الموات لم يجر عليه ملك لأحد ، ولم يوجد فيه أثر عمارة وغيره . وإن كان قد ابن عبد البر : فهذا أيضا لا يملك بالإحياء كذلك ، إذا كان لمعصوم . وإن علم ملكه لمعين غير معصوم ، فإذا ملك بالإحياء ، ثم ترك حتى دثر وعاد مواتا : كان كموات أصلي . يملكه المسلم بالإحياء . قاله في المحرر . وقدمه أحياه بدار الحرب واندرس الحارثي . وقال ، القاضي ، وابن عقيل وأبو الفرج الشيرازي : لا يملك بالإحياء . قال الحارثي : ويقتضيه مطلق نصوصه . وإن كان لا يعلم له مالك . فهو أربعة أقسام : أحدها : ما أثر الملك فيه غير جاهلي ، كالقرى الخربة ، التي ذهبت أنهارها ، ودرست آثارها . وقد شملها كلام . ففي ملكها بالإحياء روايتان . وأطلقهما المصنف الحارثي ، وغيره .
إحداهما : لا تملك بالإحياء .
والرواية الثانية : تملك بالإحياء . وصححه في الحاوي الصغير ، والفائق ، والنظم . وأطلقوا . والصحيح من المذهب : التفرقة بين دار الحرب ودار الإسلام . كما يأتي قريبا
تنبيه : لفظ وغيره : يقتضي تعميم الخلاف في المندرس بدار الإسلام وبدار الحرب . وقد صرح به في كل منهما : المصنف ، القاضي ، وابن عقيل والقاضي أبو الحسين ، وأبو الفرج الشيرازي ، في المغني ، والشرح ، وغيرهم . قال والمصنف الحارثي : وبالجملة ، فالصحيح : المنع في دار الإسلام . وكذا قال الأصحاب . بخلاف دار الحرب . فإن الأصح فيه الجواز . ولم يذكر في التذكرة سواه . [ ص: 356 ] قال في الرعايتين : وتملك بالإحياء على الأصح قرية خراب ، لم يملكها معصوم . وإذا قيل بالمنع في دار الإسلام : كان للإمام إقطاعه . قاله الأصحاب : ابن عقيل في الأحكام السلطانية ، وصاحب المستوعب ، والتلخيص ، وغيرهم . القاضي
القسم الثاني : كديار عاد ، ما أثر الملك فيه جاهلي قديم ومساكن ثمود ، وآثار الروم وقد شملها أيضا كلام . وكذا كلام المصنف ، القاضي ، وغيرهم من الأصحاب . ولم يذكر وابن عقيل في الأحكام السلطانية خلافا في جواز إحيائه . وكذلك القاضي في المغني . وهو الصحيح من المذهب . وهي طريقة صاحب المحرر ، والوجيز ، وغيرهما . قال المصنف الحارثي : وهو الحق ، والصحيح من المذهب . فإن الإمام رحمه الله وأصحابه لا يختلف قوله في البئر العادية . وهو نص منه في خصوص النوع . وصحح الملك فيه بالإحياء : صاحب التلخيص ، والفائق ، والشرح ، والفروع ، والتصحيح ، وغيرهم . أحمد
القسم الثالث : . وقد شمله كلام ما لا أثر فيه جاهلي قريب . والصحيح من المذهب : أنه يملك بالإحياء . قاله المصنف الحارثي وغيره .
والرواية الثانية : لا يملك .
القسم الرابع : . وفيه روايتان . ذكرهما ما تردد في جريان الملك عليه في التذكرة ، ابن عقيل والسامري ، وصاحب التلخيص ، وغيرهم . وقالوا : الأصح الجواز .
والرواية الثانية : عدم الجواز .