كتاب الحجر 
فائدتان 
إحداهما : " حجر الفلس " عبارة عن منع الحاكم من عليه دين حال يعجز  عنه  ماله الموجود مدة الحجر من التصرف فيه . 
الثانية قوله ( وهو على ضربين : حجر لحق الغير ) وحجر لحظ نفسه    . فالحجر لحق الغير : كالحجر على المفلس ، والمريض بما زاد على الثلث ، والعبد والمكاتب ، والمشتري إذا كان الثمن في البلد ، على ما تقدم في كلام  المصنف  في آخر فصل خيار التولية . والمشتري بعد طلب شفيع . والمرتد يحجر عليه لحق المسلمين  ، والراهن والزوجة بما زاد على الثلث في التبرع ، على ما يأتي في الباب . والحجر لحظ نفسه : كالحجر على الصغير والمجنون ، والسفيه فهذه عشرة أسباب للحجر    . وقال في الفروع : ولا يحجر حاكم على مقتر على نفسه وعياله  واختار الأزجي    : بلى . فيكون هذا سببا آخر ، على قوله . 
 [ ص: 273 ] تنبيه : قوله ( فإن أراد سفرا  يحل الدين قبل مدته : فلغريمه منعه إلا أن يوثقه برهن أو كفيل ) . بلا نزاع . لكن من شرط الكفيل : أن يكون مليئا . ذكره الأصحاب . وهو واضح . قوله ( وإن كان لا يحل قبله : ففي منعه روايتان ) وأطلقهما في المغني ، وخصال ابن البنا  ، والشرح ، والفائق ، والحاوي ، والزركشي  ، وغيرهم . 
إحداهما : له منعه . وهو الصحيح من المذهب . قال في الفروع : فله منعه على الأصح . وصححه في التصحيح . وجزم به في البلغة ، والوجيز ، والمنور . واختاره ابن عبدوس  في تذكرته ، وقدمه في المحرر . قال في المذهب : منع في ظاهر المذهب . والثانية : ليس له منعه . وهو ظاهر كلام  الخرقي  ، والعمدة . واختاره  القاضي    . وقدمه في الخلاصة ، والهداية ، والتلخيص ، والرعايتين ، والنظم ، والحاوي الصغير 
تنبيه : 
ظاهر كلام  المصنف    : أن الروايتين في السفر ، سواء كان مخوفا أو غير مخوف . وهو ظاهر كلامه في الهداية ، والكافي ، والمذهب ، والخلاصة ، وغيرهم . ولعله الصواب . ومحلهما عند صاحب الفروع إذا كان السفر مخوفا . كالجهاد ونحوه . وحكى في السفر غير المخوف وجهين . قال في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير : فإن أراد سفرا مدة قبل أجل الدين ، جاز كالجهاد . وأدخل صاحب الواضح في السفر المخوف : الحج . ومحلهما عند  المصنف  في المغني ، وابن البنا  ، وصاحب التلخيص ، والبلغة ،  [ ص: 274 ] والمحرر ، والنظم ، والشرح ، والحاوي الكبير ، والفائق ، والزركشي    : في غير الجهاد . فأما في الجهاد : فيمنع ، حتى يوثقه برهن أو ضمين ، على رواية واحدة . وظاهر كلامه في الرعاية الكبرى : أن محل الخلاف في غير الجهاد . وأن الجهاد لا يمنع منه قولا واحدا ; لأنه قال : ومن عليه دين مؤجل ، فله السفر دون أجله .  وعنه  لا يسافر غير مجاهد ، حتى يأتي برهن أو ضمين . وتقدم كلامه في الرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . فإن ظاهره كذلك . فلعلهما أرادا إذا تعين عليه ، وإلا فبعيد . وقد تقدم في أول كتاب الجهاد : أنه لا يجاهد من عليه دين لا وفاء له إلا بإذن غريمه    . على الصحيح . وذكرنا هناك الخلاف ، وأن لنا قولا : لا يستأذنه في الجهاد إذا كان الدين مؤجلا ، وقولا : إذا كان المديون جنديا موثوقا به لا يستأذنه . ويستأذنه غيره . ومحلهما عند  المصنف  أيضا . والشارح  ، وجماعة : إذا كان السفر طويلا . لأنهم عللوا رواية عدم المنع . فقالوا : لأن هذا السفر ليس بأمارة على منع الحق في محله . فلم يملك منعه منه . كالسفر القصير . ولعله أولى . فهذه ست طرق في محل الخلاف . 
فائدتان . 
إحداهما : اختار الشيخ تقي الدين  رحمه الله تعالى أن من أراد سفرا ، وهو عاجز عن وفاء دينه    : أن لغريمه منعه حتى يقيم كفيلا ببدنه . قال في الفروع : وهو متجه . قلت    : من قواعد المذهب : أن العاجز عن وفاء دينه ، إذا كان له حرفة : يلزم بإيجار نفسه لقضاء الدين . فلا يبعد أن يمنع ليعمل .  [ ص: 275 ] 
الثانية : لو طلب منه دين حال يقدر على وفائه ، فسافر قبل وفائه    : لم يجز له أن يترخص ، على الصحيح من المذهب . وقيل : يجوز . وإن لم يطلب منه الدين الحال ، أو يحل في سفره ، فقيل : له القصر والترخص ، لئلا يحبس قبل طلبه كحبس الحاكم . وقيل : لا يجوز له ذلك إلا أن يوكل في قضائه ، لئلا يمنع واجبا . ذكر هذين الوجهين  ابن عقيل    . وأطلقهما في القاعدة الثالثة والخمسين . وأطلقهما ابن تميم  في باب قصر الصلاة ، وكذا ابن حمدان    . وقيل : إن سافر وكيل في القضاء : لم يترخص . قلت    : يحتمل أن ينبني الخلاف هنا على الخلاف في وجوب الدفع قبل الطلب وعدمه ، على ما تقدم في آخر باب القرض . والمذهب : لا يجب قبل الطلب . فله القصر . وأطلقهن في الفروع . 
				
						
						
