الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 25 ] ( ولو زوج بنته البالغة ) العاقلة ( بمحضر شاهد واحد جاز إن ) كانت ابنته ( حاضرة ) لأنها تجعل عاقدة ( ، وإلا لا ) الأصل أن الآمر متى حضر جعل مباشرا ، ثم إنما تقبل شهادة المأمور إذا لم يذكر أنه عقده لئلا يشهد على فعل نفسه ; ولو زوج المولى عبده البالغ بحضرته وواحد لم يجز على الظاهر . ولو أذن له فعقد بحضرة المولى ورجل صح ، والفرق لا يخفى .

التالي السابق


( قوله : ولو زوج بنته البالغة العاقلة ) كونها بنته غير قيد ، فإنها لو وكلت رجلا غيره فكذلك كما في الهندية ، وقيد بالبالغة ; لأنها لو كانت صغيرة لا يكون الولي شاهدا ; لأن العقد لا يمكن نقله إليها بحر ، وبالعاقلة ; لأن المجنونة كالصغيرة أفاده ط . ( قوله : لأنها تجعل عاقدة ) ; لانتقال عبارة الوكيل إليها ، وهي في المجلس فكانت مباشرة ضرورة ; ولأنه لا يمكن جعلها شاهدة على نفسها ( قوله : وإلا لا ) أي ، وإن لم تكن حاضرة لا يكون العقد نافذا بل موقوفا على إجازتها كما في الحموي ; لأنه لا يكون أدنى حالا من الفضولي وعقد الفضولي ليس بباطل ط عن أبي السعود ( قوله : جعل مباشرا ) ; لأنه إذا كان في المجلس تنتقل العبارة إليه كما قدمناه . ( قوله : ثم إنما تقبل شهادة المأمور ) يعني عند التجاحد ، وإرادة الإظهار ، أما من حيث الانعقاد الذي الكلام فيه فهي مقبولة مطلقا كما لا يخفى ، وأشار إلى أنه يجوز له أن يشهد إذا تولى العقد ، ومات الزوج وأنكرت ورثته كما حكي عن الصفار . قال : وينبغي أن يذكر العقد لا غير فيقول هذه منكوحته ، وكذلك قالوا في الأخوين إذا زوجا أختهما ثم أرادا أن يشهدا على النكاح ينبغي أن يقولا هذه منكوحته بحر عن الذخيرة . ( قوله : لئلا يشهد على فعل نفسه ) يرد عليه شهادة نحو القباني والقاسم ، لأنه يقبل مع بيانه أنه فعله شرنبلالية .

أقول : لا يخفى أن العقد إنما لزم بفعل العاقد فشهادته على فعل نفسه شهادة على أنه هو الذي ألزم موجبات العقد فتلغو بخلاف القباني والقاسم فإن فعلهما غير ملزم . أما القباني فظاهر وأما القاسم فلما في شهادات البزازية من أن وجه القبول أن الملك لا يثبت بالقسمة بل بالتراضي أو باستعمال القرعة ثم التراضي عليه . ا هـ فافهم . ( قوله : ولو زوج المولى عبده ) أي وأمته كما في الفتح وقوله : بحضرته أي العبد ، وقوله : وواحد بالجر عطفا على هذا الضمير وقوله : لم يجز على الظاهر ذكره في النهر ، ونقله السيد أبو السعود عن الدراية فيما لو زوج أمته ، ولا فرق بينها وبين العبد . وذكر في البحر أنه رجحه في الفتح بأن مباشرة السيد ليس فكا للحجر عنهما في التزوج مطلقا ، وإلا لصح في مسألة وكيله : أي فيما لو زوج وكيل السيد العبد بحضوره مع آخر فإنه لا يصح ( قوله : صح ) وقيل لا يصح لانتقاله إلى السيد ; لأن العبد وكيل عنه .

قال في الفتح : الأصح الجواز بناء على منع كونهما أي العبد والأمة وكيلين لأن الإذن فك الحجر عنهما ، فيتصرفان بعده وبأهليتهم ا لا بطريق النيابة . ( قوله : والفرق لا يخفى ) هو ما ذكرناه عن الفتح من أن مباشرة السيد العقد ليس فكا للحجر عن العبد في التزوج ، فلا ينتقل العقد إليه بل يبقى السيد هو العاقد ولا يصلح شاهدا ، بخلاف إذنه له به فإن العبد ممنوع عن النكاح لحق السيد لا لعدم أهليته فبالإذن يصير أصيلا لا نائبا فلا ينتقل العقد إلى السيد ويصلح شاهدا فيصح بحضرته .




الخدمات العلمية