الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( كما لو ) nindex.php?page=treesubj&link=11452 ( خالعها ثم أقام معها من غير عقد أو تزوج كتابية في عدة مسلم ) أو تزوجها قبل زوج آخر وقد طلقها ثلاثا ، فإنه في هذه الثلاثة يفرق من غير مرافعة بحر عن المحيط [ ص: 188 ] خلافا للزيلعي والحاوي من اشتراط المرافعة .
( قوله كما لو خالعها ) تشبيه في مطلق تفريق لا بقيد كونه بعد مرافعة ، لقول الشارح بعد فإنه في هذه الثلاثة يفرق من غير مرافعة ط ( قوله من غير عقد ) وذلك لأن الخلع طلاق والذمي يعتقد كون الطلاق مزيلا للنكاح والوطء بعده حرام في الأديان كلها يحدون به نهر أي بالوطء بعده ، ومحل الحد إن لم يعتقد شبهة الحل في العدة كما نص عليه في الحدود ومثل هذا التعليل يقال في مسألة الطلاق الثلاث الآتية ط ( قوله أو nindex.php?page=treesubj&link=11452تزوج كتابية في عدة مسلم ) وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=11457تزوج الذمي مسلمة حرة أو أمة ، ففي الكافي للحاكم الشهيد أنه يفرق بينهما ويعاقب إن دخل بها ، ولا يبلغ أربعين سوطا وتعزر المرأة ومن زوجها له ، وإن أسلم بعد النكاح لم يترك على نكاحه .
[ تنبيه ] : قال في النهر : قيد المصنف بكون المتزوج كافرا لأن nindex.php?page=treesubj&link=11456المسلم لو تزوج ذمية في عدة كافر ذكر بعض المشايخ أنه يجوز ، ولا يباح له وطؤها حتى يستبرئها عنده ، وقالا النكاح باطل ، وكذا في الخانية وأقول : وينبغي أن لا يختلف في وجوبها بالنسبة إلى المسلم لأنه يعتقد وجوبها ألا ترى أن القول بعدم وجوبها في حق الكافر مقيد بكونهم لا يدينونها وبكونه جائزا عندهم لأنه لو لم يكن جائزا بأن اعتقدوا وجوبها يفرق إجماعا . قال في الفتح : فيلزم في المهاجرة وجوب العدة إن كانوا يعتقدونه لأن المضاف إلى تباين الدار الفرقة لا نفي العدة . ا هـ . قلت : قوله وينبغي إلخ قد يقال فيه إنه مما لا ينبغي ، لما مر من أن العدة إنما تجب حقا للزوج : أي الذي طلقها ولا تجب له بدون اعتقاده ، ولما قدمناه أيضا عن ابن كمال من اعتبار دين الزوج خاصة ، وكذا ما قدمناه من ترجيح القول بأنه nindex.php?page=treesubj&link=12390_11446لا عدة من الكافر عند nindex.php?page=showalam&ids=11990الإمام أصلا تأمل ( قوله أو nindex.php?page=treesubj&link=11452_23881تزوجها قبل زوج آخر إلخ ) مقتضاه أن المسألة الأولى مفروضة فيما إذا طلقها ثلاثا وأقام معها من غير تجديد عقد آخر حتى تكون مسألة أخرى ويشكل الفرق بينهما ، فإنه إذا توقف التفريق في الأولى على طلب المرأة يلزم أن يتوقف هنا على طلبها [ ص: 188 ] بالأولى ، لأنه إذا جدد عقده عليها قبل زوج آخر حصلت شبهة العقد ، فكيف يفرق بينهما بلا طلب أصلا مع وجود شبهة العقد ، ولا يفرق إلا بطلب عند عدم وجود شبهة العقد ، ولذا والله أعلم ذكر في البحر عن الإسبيجابي أنه إذا nindex.php?page=treesubj&link=23881_11452طلقها ثلاثا ، إن أمسكها من غير تجديد النكاح عليها فرق بينهما وإن لم يترافعا إلى القاضي ، وإن جدده عليها من غير أن تتزوج بآخر فلا تفريق . ثم قال : وهو مخالف لما في المحيط لأنه سوى في التفريق بين ما إذا تزوجها أو لا حيث لم تتزوج بغيره . ا هـ .
قلت : لكنه مخالف أيضا لما قدمناه عن الفتح وغيره من أن مثل nindex.php?page=treesubj&link=11452_23881المحرمين ما لو تزوج مطلقته ثلاثا إلا أن يخص ذلك بما إذا أسلما أو أحدهما ، لكنه خلاف ما في الزيلعي ، حيث قال : وعلى هذا الخلاف المطلقة ثلاثا والجمع بين المحارم والخمس ا هـ أي الخلاف المار بين الإمام وصاحبيه من أنه يفرق بمرافعتهما عنده لا بمرافعة أحدهما فليتأمل ( قوله خلافا للزيلعي إلخ ) أقول ما في الحاوي القدسي ليس فيه مخالفة لما هنا ، كما يعلم من عبارة الحاوي التي نقلها المصنف في منح هـ فراجعها . وأما الزيلعي ففيه مخالفة ، فإنه ذكر ما قدمناه عنه آنفا ، ثم قال : وذكر في الغاية معزيا إلى المحيط أن nindex.php?page=treesubj&link=11411المطلقة ثلاثا لو طلبت التفريق يفرق بينهما بالإجماع لأنه لا يتضمن إبطال حق الزوج وكذا في الخلع وعدة المسلم لو كانت كتابية ، وكذا لو nindex.php?page=treesubj&link=11452_23881تزوجها قبل زوج آخر في المطلقة ثلاثا . ا هـ . ووجه المخالفة أن قوله وكذا في الخلع إلخ يفيد توقف التفريق على الطلب في المسائل الثلاث كالمسألة الأولى كما هو مقتضى التشبيه ، وصرح بذلك في الفتح حيث ذكر عبارة الغاية .
وقال عقب قوله وكذا في الخلع : يعني nindex.php?page=treesubj&link=11644_23238اختلعت من زوجها الذمي ثم أمسكها فرفعته إلى الحاكم فإنه يفرق بينهما لأن إمساكها ظلم إلخ ، " فما عزاه في الغاية إلى المحيط ونقله عنها الزيلعي وصاحب الفتح مخالف لما في البحر عن المحيط ، وهو الذي مشى عليه المصنف من عدم توقفه على المرافعة في المسائل الثلاث . وتوقفه في المسألة الأولى فقط . وذكر في النهر أيضا عبارة المحيط الرضوي وهي كما مشى عليه صاحب البحر والمصنف ، فهذا هو وجه المخالفة الذي أراده الشارح ، ونبه عليه في النهر أيضا وقد خفي على المحشين فافهم ، نعم في كلام الزيلعي مخالفة من وجه آخر ، وهو أنه ذكر أولا أن المطلقة ثلاثا مثل المحرمين في جريان الخلاف كما ذكرناه قريبا ثم ذكر ما في الغاية من أنه يفرق بطلبها إجماعا ، رأيت في كافي الحاكم الشهيد ما يؤيد ما في الغاية ، وذلك حيث قال : وإذا nindex.php?page=treesubj&link=11010_11452طلق الذمي زوجته ثلاثا ثم أقام عليها فرافعته إلى السلطان فرق بينهما .
وكذلك لو كانت اختلعت . وإذا nindex.php?page=treesubj&link=10999_11452تزوج الذمي الذمية وهي في عدة من زوج مسلم قد طلقها أو مات عنها فإني أفرق بينهما ا هـ لكن مفاده أن التفريق في هذه الأخيرة لا يحتاج إلى مرافعة وطلب أصلا لتعلق حق المسلم ، ومثلها ما قدمناه عن الكافي أيضا . وهو ما لو تزوج الذمي مسلمة