الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال : أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر فقدم بعد شهر وقع الطلاق مقتصرا ) . - -

التالي السابق


( قوله وقع الطلاق مقتصرا ) وقال زفر مستندا ، وإن قال قبل موت زيد بشهر وقع مستندا عند أبي حنيفة وقالا مقتصرا على الموت ، وفائدة الخلاف تظهر في اعتبار العدة ؟ فعند أبي حنيفة تعتبر من أول الشهر ، فلو كان وطئها في الشهر يصير مراجعا إن كان الطلاق رجعيا ، ولو كان ثلاثا ووطئها فيه غرم العقر . وعندهما تعتبر العدة في الحال ولا يصير مراجعا ولا يلزمه عقر ، وقيل : تعتبر العدة من وقت الموت اتفاقا احتياطا ولو مات زيد قبل تمام الشهر لا تطلق لعدم شهر قبل الموت ، ولو مات بعد العدة فيما إذا طلقها في أثناء الشهر ثم وضعت حملها أو لم تكن مدخولا بها فلم تجب عدة لا يقع لعدم المحل إذ المستقبل يثبت للحال ثم يستند ، كذا في الجامع الكبير والأسرار . والفرق لأبي حنيفة بين القدوم والموت أن الموت معرف والجزاء لا يقتصر على المعرف كما لو قال إن كان زيد في الدار فأنت طالق فخرج منها آخر النهار طلقت من حين تكلم ، وهذا لأن الموت في الابتداء يحتمل أن يقع قبل الشهر فلا يوجد الوقت أصلا ، فأشبه سائر الشروط في احتمال الخطر ، فإذا مضى شهر فقد علمنا بوجود شهر قبل الموت لأن الموت كائن لا محالة ، إلا أن الطلاق لا يقع في الحال ، لأنا نحتاج إلى شهر يتصل بالموت وأنه غير ثابت والموت يعرفه ، ففارق من هذا الوجه الشرط ، وأشبه الوقت في قوله أنت طالق قبل رمضان بشهر فقلنا بأمر بين الظهور والاقتصار وهو الاستناد ، ولو قال قبل رمضان بشهر وقع في شعبان اتفاقا وتمامه في الفتح .




الخدمات العلمية