فصل 
وصلاة الليل  أفضل ( و ) وأفضله نصفه الأخير ، وأفضله ثلثه الأول نص عليه ، وقيل آخره ، وقيل ثلث الليل الوسط وبين العشاءين من قيام الليل ، قال  أحمد    : قيام الليل من المغرب إلى طلوع الفجر والناشئة لا تكون إلا بعد رقدة ، قال : والتهجد إنما هو بعد النوم ، ولا يقوم الليل كله (  م  ر ) ذكره بعضهم ، وقل من وجدته ذكر هذه المسألة  [ ص: 560 ] وقد قال  أحمد    : إذا نام بعد تهجده  لم يبن عليه السهر . 
وفي الغنية يستحب ثلثاه ، والأقل سدسه ، ثم ذكر أن قيام الليل كله  عمل الأقوياء الذين سبقت لهم العناية ، فجعل لهم موهبة ، وقد روي عن  عثمان  قيامه بركعة ، يختم فيها ، قال وصح عن أربعين من التابعين ، ومرادهم وتابعيهم وظاهر كلامه ولا ليالي العشر ، فيكون { قول  عائشة  إنه عليه السلام أحيا الليل   } أي كثيرا منه ، أو أكثره ، ويتوجه بظاهره احتمال ، وتخريج من ليلة العيد ، ويكون قولها ما علمت { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ليلة حتى الصباح أي غير العشر   } أو لم يكثر ذلك منه واستحبه شيخنا  ، وقال قيام بعض الليالي كلها مما جاءت به السنة ، ويكره مداومة قيام الليل  ، وفاقا للشافعية في ذلك كله ، ولهذا اتفقت الشافعية على استحباب ليلتي العيدين وغير ذلك ، ذكره في شرح  مسلم  ، وما ذكره في الغنية هو ظاهر سورة المزمل ، ونسخ وجوبه لا يلزم منه نسخ استحبابه وقد كان  عبد الله بن عمر  لا ينام من الليل إلا قليلا ، وكذا جماعة كانوا يصلون الفجر بوضوء العشاء الآخرة ، وقد قال تعالى : { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون    } قيل ( ما يهجعون ) خبر كان وقيل ( ما ) زائدة أي كانوا يهجعون قليلا و { قليلا    } صفة لمصدر أو ظرف ، أي هجوعا وزمنا قليلا ، وقيل نافية ، فقيل المعنى كانوا يسهرون قليلا منه ، وقيل ما كانوا ينامون قليلا منه ورد بعضهم قول النفي بأنه لا يتقدم عليه ما في خبره ، وقليلا من خبره وقيل قليلا خبر كان ، وما مصدرية ، أي كانوا قليلا هجوعهم ، كقولك كانوا يقل هجوعهم ( فيهجعون ) بدل اشتمال من  [ ص: 561 ] اسم كان ، ومن الليل يتعلق بفعل مفسر ب { يهجعون    } لتقديم معمول المصدر عليه ، وقيل الوقف على { قليلا    } فإن قيل فما نافية ففيه نظر سبق ، وإن قيل مصدرية فلا مدح لهجوع الناس كلهم ليلا ، وصاحب هذا القول يحمل ما خالف هذا على من تضرر به ، أو ترك حقا أهم منه ، أو على من اقتصر على قليل من الليل ، ليجمع بين الحقوق ، ولعل هذا قياس المذهب لاستحبابه صوم أيام غير النهي ، أو مع إفطار يسير معها ، فإن هذه المسألة تشبه تلك ، وهما في حديث  عبد الله بن عمر  ويأتي ذلك ، ومن يفرق بينهما من أصحابنا والشافعية وغيرهم يقول لا بد في قيام الليل كله من ضرر ، أو تفويت حق ، وعن  أنس  مرفوعا { ليصل أحدكم نشاطه ، فإذا كسل أو فتر فليقعد   } كسل بكسر السين ، وعن  عائشة  مرفوعا { إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم ، فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه   } نعس بفتح العين ، وعنها مرفوعا { أحب العمل إلى الله تعالى أدومه وإن قل   } وعنها مرفوعا { خذوا من العمل ما تطيقون ، فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا   } وفي لفظ { لا يمل الله حتى تملوا   } متفق على ذلك ، واللفظان بمعنى ، قال بعض العلماء لا يعاملكم الله معاملة المال فيقطع ثوابه ورحمته عنكم حتى تقطعوا عملكم ، وقيل معناه لا يمل إذا مللتم ، كقولهم في البليغ فلان لا ينقطع حتى ينقطع خصومه ، معناه لا ينقطع إذا انقطع خصومه ، وإلا فلا فضل له على غيره  وعنه  استغفاره في السحر أفضل ، وسيد الاستغفار " اللهم أنت ربي " الخبر فظاهر كلامهم يقوله كل أحد ، وكذا ما في معناه . 
وقال  [ ص: 562 ] شيخنا    : تقول المرأة أمتك بنت عبدك أو أمتك ، وإن كان قولها " عبدك " له مخرج في العربية بتأويل شخص ، وصلاته ليلا ونهارا مثنى ، وهو معدول عن اثنين ، ومعناه معنى المكرر ، فلا يجوز تكريره ، وإنما كرر عليه السلام اللفظ لا المعنى ذكر  الزمخشري  منعت الصرف للعدلين : عدلها عن صيغتها ، وعدلها عن تكررها ( هـ     ) 
     	
		 [ ص: 556  -  559 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					