الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : فلو أن باز الرجل أفلت منه فلم يقدر على أخذه بحضرة ذلك حتى فات بنفسه ولحق بالوحش ، أكان مالك يقول هو لمن أخذه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم . قلت : فهل تحفظ عنه في النحل شيئا إن هي هربت من رجل ففاتت من فورها ذلك ولحقت بالجبال ، أتكون لمن أخذها ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ، ولكن إن كان أصل النحل عند أهل المعرفة وحشية فهي بمنزلة ما وصفت لك من الوحش في رأيي .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك في النحل يخرج من جبح هذا إلى جبح هذا ومن جبح هذا إلى جبح هذا ، قال : إن علم ذلك واستطاعوا أن يردوها إلى أصحابها ردوها ، وإلا فهي لمن ثبتت في أجباحه ، قال مالك : وكذلك حمام الأبرجة .

                                                                                                                                                                                      قال : وسئل مالك عن الحكمين إذا حكما في جزاء الصيد فاختلفا ، أيؤخذ بأرفقهما أم يبتدئ الحكم بينهما ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يبتدئ الحكم فيه غيرهما حتى يجتمعا على أمر واحد ، كذلك قال مالك ، قلت : فهل يكون الحكمان في جزاء الصيد غير فقيهين إذا كانا عدلين في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يكونان إلا فقيهين عدلين ، قلت : أرأيت إن حكما فأخطأ حكما خطأ فيما فيه بدنة بشاة أو فيما فيه بقرة بشاة أو فيما فيه شاة ببدنة ، أينقض حكمهما ويستقبل الحكم في هذا الصيد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، قلت : أتحفظه عن مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا . قلت : فإن حكم حكمان في جزاء صيد أصابه محرم فحكما عليه فأصابا الحكم ، وكان أمرهما أن يحكما عليه بالجزاء من النعم ففعلا ، ثم بدا له أن ينصرف إلى الطعام أو الصيام بعدما حكما عليه بالنظير من النعم وأن يحكم عليه غيرهما أو هما ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ما سمعت من مالك فيه شيئا ، ولكني أرى له ذلك أن يرجع إلى أي ذلك شاء ، قلت : فهل يكون الحكمان في جزاء الصيد دون الإمام في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم من اعترض من المسلمين ممن قبله معرفة من ذوي العدل والعلم بالحكم في ذلك لذي أصحاب الصيد ، فحكما عليه فذلك جائز عليه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية