الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2895 257 - حدثنا عبدان ، عن أبي حمزة ، عن الأعمش ، فوجدناهم خمسمائة ، قال أبو معاوية : ما بين ستمائة إلى سبعمائة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  عبد الله هو عبد الله بن عثمان بن جبلة وعبدان لقبه ، وقد مر غير مرة ، وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي هو محمد بن ميمون اليشكري ، وأبو معاوية محمد بن خازم بالخاء المعجمة ، وأشار البخاري بهذا إلى أن كل واحد من أبي حمزة وأبي معاوية خالف سفيان الثوري المذكور في السند الذي قبله في روايته عن سليمان الأعمش .

                                                                                                                                                                                  أما أبو حمزة فإنه روى عن الأعمش خمسمائة ولم يذكر الألف ، وقد كان سفيان روى عن الأعمش ألفا وخمسمائة ، وأما أبو معاوية فإنه روى عن الأعمش ما بين ستمائة إلى سبعمائة ، فالبخاري اعتمد على رواية سفيان لكونه أحفظهم مطلقا ، وزاد على أبي حمزة وأبي معاوية ، وزيادة الثقة الحافظ مقبولة مقدمة ، وإن كان أبو معاوية أحفظ أصحاب الأعمش بخصوصه ، فإن قلت : طريق أبي معاوية وصله مسلم فقال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير وأبو كريب ، واللفظ لأبي بكر ، قالوا : حدثنا معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن حذيفة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : احصوا لي كم من تلفظ بالإسلام ، قال : فقلنا : يا رسول الله أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة ، قال : إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا ، قال : فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرا ، قلت : إنما اختار مسلم طريق أبي معاوية لما ذكرنا أنه كان أحفظ أصحاب الأعمش بخصوصه ، والبخاري رجح رواية الثوري عن الأعمش لكون الثوري أحفظ من الكل مطلقا .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : ما وجه التوفيق بين الروايات ، قلت : قال الداودي : لعلهم كتبوا مرات في مواطن ، وقيل : المراد بالألف والخمسمائة جميع من أسلم من رجل وامرأة وعبد وصبي ، وبما بين الستمائة إلى السبعمائة الرجال خاصة ، وبالخمسمائة المقاتلة خاصة ، قال النووي : قالوا : وجه الجمع بين هذه الروايات الثلاث ، فذكر ما ذكرناه ، وقيل : المراد بالألف إلى آخره ، ثم قال : وهذا باطل للتصريح بأن الكل رجال في الرواية الأخرى حيث قال : فكتبنا له ألفا وخمسمائة رجل ; بل الصحيح ما بين الستمائة إلى السبعمائة رجل من المدينة خاصة ، وبالألف والخمسمائة هم مع المسلمين الذين حولهم ، قلت : الحكم ببطلان الوجه المذكور لا يخلو عن نظر ; لأن العبيد والصبيان يدخلون في لفظ الرجل فتأمل ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية