الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3794 65 - حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، عن عبيد الله بن عدي ، عن المقداد بن الأسود ، ح وحدثني إسحاق ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، حدثنا ابن أخي ابن شهاب ، عن عمه قال : أخبرني عطاء بن يزيد الليثي ، ثم الجندعي ، أن عبيد الله بن عدي [ ص: 117 ] ابن الخيار ، أخبره أن المقداد بن عمرو الكندي ، وكان حليفا لبني زهرة ، وكان ممن شهد بدرا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا ، فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ، ثم لاذ مني بشجرة فقال : أسلمت لله ، آقتله يا رسول الله بعد أن قالها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تقتله ، فقال : يا رسول الله ، إنه قطع إحدى يدي ، ثم قال ذلك بعدما قطعها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تقتله ، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله ، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ذكره هنا لأجل قوله : وكان ممن شهد بدرا .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه من طريقين ( الأول ) عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل البصري ، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، عن محمد بن مسلم الزهري ، عن عطاء بن يزيد من الزيادة أبي يزيد الليثي ، عن عبيد الله بن عدي ، عن المقداد بن عمرو ، كذا قال هنا ابن عمرو ، وكذا ذكره بعد في تسمية من شهد بدرا ، وكنيته أبو معبد ، وذكر في الطهارة المقداد بن الأسود ، والصحيح ما ذكره هنا ، والأسود إنما رباه فنسب إليه ، ويقال : كان في حجره ، ويقال : كان عبدا حبشيا له فتبناه ، فلا تصح عبوديته ، وقال ابن حبان : كان أبوه عمرو حالف كندة فنسب إليها ، وقال أبو عمر : المقداد بن الأسود ، نسب إلى الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهري لأنه كان تبناه وحالفه في الجاهلية ، فقيل : المقداد بن الأسود ، وهو المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن عمرو بن سعد البهراني ، وكان المقداد من الفضلاء النجباء الكبار الخيار من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد فتح مصر ، ومات في أرضه بالجرف فحمل إلى المدينة ودفن بها ، وصلى عليه عثمان بن عفان سنة ثلاث وثلاثين ، ( الطريق الثاني ) عن إسحاق بن منصور ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري ، عن محمد بن عبد الله ابن أخي الزهري ، عن عمه محمد بن مسلم الزهري ، عن عطاء بن يزيد ، إلى آخره . وفي إسناده ثلاثة من التابعين على نسق واحد وهم مدنيون .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الديات عن عبدان عن ابن المبارك ، وأخرجه مسلم في الإيمان عن قتيبة وعن آخرين ، وأخرجه أبو داود في الجهاد والنسائي في السير جميعا عن قتيبة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) قوله : " الليثي " بالرفع لأنه صفة عطاء المرفوع بأنه فاعل أخبرني ، والليثي نسبة إلى ليث بن بكر بن عبد مناف بن كنانة ، والجندعي بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة وضمها وبالعين المهملة نسبة إلى جندع بن ليث بن بكر ، وقال ابن دريد : الجندع واحد الجنادع وهي الخنافس الصغار ، والكندي نسبة إلى كندة بكسر الكاف وسكون النون وبالدال المهملة ، وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث ، سمي كندة لأنه كند أباه ، أي : عقه . قوله : " وكان حليفا لبني زهرة " أي : ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر . قوله : " أرأيت " أي : أخبرني . قوله : " ثم لاذ مني بشجرة " أي : تحيل في الفرار مني بها ، ومنه قوله تعالى : يتسللون منكم لواذا إلا أن لواذا مصدر لاوذ ، ومصدر لاذ لياذا . قوله : " قال : أسلمت لله " يثبت به الإسلام فلا يحتاج إلى كلمة الشهادة . قوله : " آقتله " بهمزة الاستفهام على سبيل الاستعلام . قوله : " فإنه بمنزلتك " معناه أنه مثلك في كونه مباح الدم فقط ، وقال الكرماني : القتل ليس سببا لكون كل منهما بمنزلة الآخر ، فما وجه الشرطية ؟ قلت : أمثاله عند النحاة مؤولة بالإخبار ، أي : قتلك إياه سبب لقتلك ، وعند البيانيين بأن المراد لازمه ، نحو : يباح دمك إذا عصيت ، وقال الخطابي : معنى هذا أن الكافر مباح الدم بحكم الدين قبل أن يقول كلمة التوحيد ، فإذا قالها صار محظور الدم كالمسلم ، فإن قتله المسلم بعد ذلك صار دمه مباحا بحق القصاص كالكافر بحق الدين ، ولم يرد به إلحاقه بالكفر على ما يقوله الخوارج من تكفير المسلم بالكبيرة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية