الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4067 ( وقال الليث : حدثني يحيى بن سعيد ، عن عمر بن كثير بن أفلح ، عن أبي محمد مولى أبي قتادة : أن أبا قتادة قال : لما كان يوم حنين نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين ، وآخر من المشركين يختله من ورائه ليقتله ، فأسرعت إلى الذي يختله فرفع يده ليضربني وأضرب يده فقطعتها ثم أخذني فضمني ضما شديدا حتى تخوفت ، ثم ترك فتحلل ودفعته ثم قتلته وانهزم المسلمون وانهزمت معهم ، فإذا بعمر بن الخطاب في الناس فقلت له : ما شأن الناس ؟ قال : أمر الله ، ثم تراجع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أقام بينة على قتيل قتله فله سلبه ، فقمت لألتمس بينة على قتيلي فلم أر أحدا يشهد لي ، فجلست ثم بدا لي فذكرت أمره لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل من جلسائه : سلاح هذا القتيل الذي يذكر عندي فأرضه منه ، فقال أبو بكر : كلا لا يعطه أصيبغ من قريش ويدع أسدا من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأداه إلي فاشتريت منه خرافا ، فكان أول مال تأثلته في الإسلام ) .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 301 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 301 ] هذا طريق آخر في الحديث المذكور ، وهو معلق وصله البخاري في الأحكام عن قتيبة ، عن الليث ، ويحيى بن سعد هو الأنصاري .

                                                                                                                                                                                  قوله : " يختله " بالخاء المعجمة والتاء المثناة من فوق ، أي : يخدعه ، قوله : " حتى تخوفت " أي : الهلاك ، وهو مفعول قد حذف ، قوله : " بدا لي " أي : ظهر لي ، قوله : " الذي يذكر " أي : أبو قتادة ، وفي رواية الكشميهني الذي ذكره ، قوله : " كلا " كلمة ردع ، قوله : " لا يعطه " أي : لا يعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاح الرجل الذي هو سلبه ، قوله : " أصيبغ " بضم الهمزة ، وفتح الصاد المهملة ، وسكون الياء آخر الحروف ، وكسر الباء الموحدة بعدها الغين المعجمة ، وهو نوع من الطير ضعيف شبهه به لعجزه وهوانه ، وقيل شبهه بالصبغاء ، وهو نبت معروف ، وقيل نبت ضعيف كالثمام إذا طلع من الأرض يكون أول ما يلي الشمس منه أصفر ، هذا الضبط رواية القابسي ، وفي رواية أبي ذر بالضاد المعجمة والعين المهملة ، وعلى روايته هو تصغير الضبع على غير قياس ، كأنه لما عظم أبا قتادة بأنه أسد صغر خصمه ، وشبهه بالضبع لضعف افتراسه ، وما يوصف به من العجز ، وقال ابن مالك : أضيبع بالضاد المعجمة والعين المهملة تصغير أضبع ، ويكنى به عن الضعيف ، قوله : " ويدع " أي : يترك ، وهو بالنصب ، وقال الكرماني : ويدع بالرفع والجر نحو : لا تأكل السمك وتشرب اللبن .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية