الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3838 105 - حدثني عبيد الله بن سعيد ، حدثنا أبو أسامة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما كان يوم أحد هزم المشركون ، فصرخ إبليس لعنة الله عليه : أي عباد الله ، أخراكم ! فرجعت أولاهم فاجتلدت هي وأخراهم ، فبصر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان ، فقال : أي عباد الله ، أبي أبي ! قال : قالت : فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه ، فقال حذيفة : يغفر الله لكم ! قال عروة [ ص: 152 ] فوالله ما زالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة .

                                                                                                                                                                                  وعبيد الله بن سعيد بن يحيى أبو قدامة اليشكري السرخسي وهو شيخ مسلم أيضا ، وأبو أسامة حماد بن أسامة .

                                                                                                                                                                                  والحديث مر في باب صفة إبليس وجنوده ; فإنه أخرجه هناك عن زكريا بن يحيى عن أبي أسامة ... إلخ نحوه ومر الكلام فيه هناك ، ولكن نتكلم هنا أيضا بما فيه لبعد العهد منه .

                                                                                                                                                                                  قوله " أخراكم " ; أي احترزوا من جهة أخراكم ، وهي كلمة تقال لمن يخشى أن يؤتى عند القتال من ورائه ، وكان ذلك لما ترك الرماة مكانهم ودخلوا ينتهبون عسكر المشركين .

                                                                                                                                                                                  قوله " فاجتلدت هي " ; أي أولاهم نفرت مع أخراهم .

                                                                                                                                                                                  قوله " فبصر حذيفة " ; أي نظر إلى أبيه ورآه وقال : يا " عباد الله ، أبي أبي " ; أي هذا أبي فلا تتعرضوا له واحفظوه ، وإنما قال " أبي أبي " بالتكرار حتى لا يظن أنه أبي - بضم الهمزة وفتح الباء وتشديد الياء .

                                                                                                                                                                                  قوله " قال : قالت " ; أي قال عروة قالت عائشة " فوالله ما احتجزوا " ; أي ما امتنعوا من قتله حتى قتلوه ، أي اليمان والد حذيفة ، وذكر ابن إسحاق قال : حدثني عاصم بن عمر ، عن محمود بن لبيد قال : كان اليمان والد حذيفة وثابت بن وقش شيخين كبيرين ، فتركهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع النساء والصبيان فرغبا في الشهادة ، فأخذا سيفيهما ولحقا بالمسلمين بعد الهزيمة ، فلم يعرفوا بهما ; فأما ثابت فقتله المشركون ، وأما اليمان فاختلفت عليه أسياف المسلمين فقتلوه ولا يعرفونه ، وقال ابن سعد : إن الذي قتل اليمان خطأ عتبة بن مسعود أخو عبد الله بن مسعود ، وفي رواية ابن إسحاق " قال حذيفة : قتلتم أبي ! قالوا : والله ما عرفناه - وصدقوا ، فقال حذيفة : يغفر الله لكم ! فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يديه ، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين فزاده ذلك عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرا " ، والعجب من ابن التين حيث يقول : ولم يذكر في الحديث الدية في قتل اليمان والكفارة ، فإما لم تفرض حينئذ أو اكتفى بعلم السامع - ولو اطلع على ما ذكرنا لما أغرب في كلامه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية