الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3878 140 - حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عن البراء رضي الله عنه قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينقل التراب يوم الخندق حتى غمر بطنه - أو اغبر بطنه - يقول :


                                                                                                                                                                                  والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا     فأنزلن سكينة علينا
                                                                                                                                                                                  وثبت الأقدام إن لاقينا     إن الألى قد بغوا علينا
                                                                                                                                                                                  إذا أرادوا فتنة أبينا

                                                                                                                                                                                  ورفع بها صوته : أبينا أبينا .


                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي ، والبراء بن عازب .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الجهاد في باب حفر الخندق ; فإنه أخرجه هناك عن أبي الوليد عن شعبة عن أبي إسحاق مختصرا ، وعن حفص بن عمر عن شعبة ... إلى آخره ، ولفظه : ينقل التراب وقد وارى التراب بياض بطنه ، وهو يقول :


                                                                                                                                                                                  لولا أنت ما اهتدينا

                                                                                                                                                                                  إلى قوله " فتنة أبينا
                                                                                                                                                                                  " فقط ، ومر الكلام فيه هناك .

                                                                                                                                                                                  قوله " حتى غمر بطنه أو اغبر بطنه " ، كذا وقع بالشك ، أما لفظ " غمر " فبالغين المعجمة وفتح الميم وتشديد الراء ، قال الخطابي : إن كانت هذه اللفظة محفوظة فالمعنى وارى التراب جلد بطنه ، ومنه غمار الناس وهو جمعهم إذا تكاثف ودخل بعضهم في بعض ، قال الكرماني : وفي بعض الروايات " اغمر " من الإغمار ، وأما " اغبر " فكذلك بالغين المعجمة ولكنه بالباء الموحدة من الغبار . وقال الخطابي : وروي " حتى اعفر " بعين مهملة وفاء ، من العفر - بالتحريك - وهو التراب . وقال عياض : وقع للأكثر بمهملة وفاء ومعجمة وموحدة ، فمنهم من ضبطه بنصب " بطنه " ومنهم من ضبطه برفعه ، وعند النسفي " حتى غبر بطنه أو اغبر " بمعجمة فيهما وموحدة ، ولأبي ذر وأبي زيد " حتى اغمر " ، قال : ولا وجه لها إلا أن يكون بمعنى ستر كما في الرواية الأخرى " حتى وارى التراب بطنه " . قال : وأوجه الروايات " اغبر " بمعجمة وموحدة ورفع " بطنه " .

                                                                                                                                                                                  قوله " إن الألى قد بغوا علينا " ، " قد " وقع في أكثر الروايات " إن الألى بغوا علينا " بدون لفظة " قد " وهو غير موزون ، فلذلك قدر فيه لفظة قد ، وقال ابن التين : إن المحذوف لفظ قد وهم ، والأصل " إن الألى هم قد بغوا علينا " . وذكر في بعض الروايات في مسلم " أبوا " بدل " بغوا " ، ومعناه صحيح ; أي أبوا أن يدخلوا في ديننا .

                                                                                                                                                                                  قوله " أبينا أبينا " من الإباء ، كذا وقع في رواية الأكثرين بالباء الموحدة ، ووقع في رواية أبي ذر وأبي الوقت وكريمة " أتينا " بالتاء المثناة من فوق بدل الموحدة ، وقال عياض : كلاهما صحيح ; فمعنى الأول أبينا الفرار عند فزع أو حادث ، ومعنى الثاني أتينا وقدمنا على عدونا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية