الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  ( أوزارها آثامها ، حتى لا يبقى إلا مسلم ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أشار به إلى قوله تعالى : فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ، وفسر أوزارها بقوله : آثامها ، فعلى تفسيره الأوزار جمع وزر ، والآثام جمع إثم ، وقال ابن التين : لم يقل هذا أحد غير البخاري ، والمعروف أن المراد بأوزارها : الأسلحة ، قلت : فعلى هذا الأوزار جمع وزر الذي هو السلاح ، وفي ( المغرب ) الوزر بالكسر الحمل الثقيل ، ومنه قوله تعالى ولا تزر وازرة وزر أخرى أي حملها من الإثم ، وقولهم : وضعت الحرب أوزارها ، عبارة عن انقضائها ; لأن أهلها يضعون أسلحتهم حينئذ ، وسمى السلاح وزرا لأنه يثقل على لابسه ، قال الأعشى :


                                                                                                                                                                                  وأعددت للحرب أوزارها رماحا طوالا وخيلا طوالا



                                                                                                                                                                                  وهذا كله يقوي كلام ابن التين ، لا مثل ما قاله بعضهم : إن لكلام ابن التين احتمالا ، ويعضد كلام البخاري ما قاله الثعلبي : آثامها وأجرامها ، فيرتفع وينقطع الحرب ; لأن الحرب لا يخلو من الإثم في أحد الجانبين والفريقين ، ثم قال : وقيل : حتى تضع الحرب آلتها وعدتها ، وآلتهم وأسلحتهم فيمسكوا عن الحرب ، والحرب : القوم المحاربون كالركب ، وقيل : معناه حتى يضع القوم المحاربون أوزارها وآثامها بأن يتوبوا من كفرهم ويؤمنوا بالله ورسوله ، انتهى ، فعرفت من هذا أن لكل من كلام البخاري وكلام ابن التين وجها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية