الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4544 317 - ( حدثنا يحيى حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق قال : قال عبد الله : إنما كان هذا لأن قريشا لما استعصوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا عليهم بسنين كسني يوسف ، فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام ، فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد ، فأنزل الله تعالى فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم قال فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم فقيل : يا رسول الله استسق الله لمضر ، فإنها قد هلكت ، قال لمضر : إنك لجريء ، فاستسقى ، فسقوا ، فنزلت إنكم عائدون فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم حين أصابتهم الرفاهية ، فأنزل الله - عز وجل - يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون قال يعني يوم بدر ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله يغشى الناس ، ويحيى هو ابن موسى البلخي ، وأبو معاوية محمد بن خازم ، بالخاء المعجمة والزاي ، والأعمش سليمان ، ومسلم هو ابن صبيح أبو الضحى ، ومسروق هو ابن الأجدع ، وعبد الله هو ابن مسعود ، وقد ترجم لهذا الحديث ثلاث تراجم بعد هذا ، وساق الحديث بعينه مطولا ومختصرا ، وقد مضى أيضا في الاستسقاء ، وفي تفسير الفرقان [ ص: 164 ] مختصرا ، وفي تفسير الروم ، وفي تفسير صاد مطولا .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إنما كان هذا يعني " القحط والجهد اللذين أصابا قريشا حتى رأوا بينهم وبين السماء كالدخان ، قوله : " لما استعصوا " أي حين أظهروا العصيان ولم يتركوا الشرك ، قوله : " كسني يوسف " وهي التي أخبر الله تعالى عنها بقوله ( ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد ) قوله " فأصابهم " تفسير لما قبله فلذلك أتى بالفاء ، قوله : " جهد " بالفتح وهو المشقة الشديد ، قوله : " فأتي " بضم الهمزة على صيغة المجهول ، والآتي هو أبو سفيان ، وكان كبير مضر في ذلك الوقت ، قوله : " قال لمضر " أي لأبي سفيان ، وأطلق عليه مضر لكونه كبيرهم ، والعرب تقول : قتل قريش فلانا يريدون به شخصا معينا منهم ، وكثيرا يضيفون الأمر إلى القبيلة ، والأمر في الواقع مضاف إلى واحد منهم ، قوله : " إنك لجريء " أي ذو جرأة حيث تشرك بالله وتطلب الرحمة منه ، وإذا كشف عنكم العذاب إنكم عائدون إلى شرككم والإصرار عليه ، قوله : " فسقوا " بضم السين والقاف على صيغة المجهول ، قوله : " الرفاهية " بتخفيف الفاء وكسر الهاء وتخفيف الياء آخر الحروف ، وهو التوسع والراحة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية