الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6005 59 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : دخلت علي عجوزان من عجز يهود المدينة ، فقالتا لي : إن أهل القبور يعذبون في قبورهم ، فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما ، فخرجتا ودخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له : يا رسول الله إن عجوزين ، وذكرت له فقال : صدقتا ، إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم كلها فما رأيته بعد في صلاة إلا تعوذ من عذاب القبر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة التي قبل هذه الترجمة ظاهرة ، وقد قلنا : إن هذه الترجمة غير صحيحة وهذا الحديث هو من أحاديث تلك الترجمة .

                                                                                                                                                                                  وجرير هو ابن عبد الحميد ، ومنصور هو ابن المعتمر ، وأبو وائل هو شقيق بن سلمة ، ومسروق هو ابن الأجدع ، وكل هؤلاء كوفيون ، ومنصور من صغار التابعين ، وشقيق ومسروق من كبار التابعين ، ورواية أبي وائل عن مسروق من رواية الأقران ، وقد ذكر أبو علي الجياني أنه قد وقع في رواية المستملي عن الفربري في هذا الحديث منصور عن أبي وائل ومسروق عن عائشة بواو العطف بدل عن ، قال : والصواب الأول ولا يحفظ لأبي وائل عن عائشة رواية ، قيل : كونه صوابا لا نزاع فيه لاتفاق الرواة في البخاري على أنه من رواية أبي وائل عن مسروق ، وكذا أخرجه مسلم وغيره من رواية منصور ، وأما قوله : " ولا يحفظ لأبي وائل عن عائشة رواية " فمردود ، فقد أخرج الترمذي من رواية أبي وائل عن عائشة حديثين :

                                                                                                                                                                                  أحدهما : ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا أخرجه الشيخان والنسائي وابن ماجه من رواية أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة .

                                                                                                                                                                                  والآخر : حديث إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها الحديث أخرجه أيضا من رواية عمرو بن مرة ، سمعت أبا وائل ، عن مسروق ، عن عائشة ، وهذا أخرجه الشيخان أيضا من رواية منصور والأعمش عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها ، وهذا جميع ما لأبي وائل في الكتب الستة عن عائشة ، وأخرج ابن حبان في ( صحيحه ) من رواية شعبة عن عمرو بن مرة ، عن أبي وائل ، عن عائشة حديث : ما من مسلم يشاك شوكة فما دونها إلا رفعه الله بها درجة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " عجوزان " العجوز يطلق على الشيخ والشيخة ولا يقال : عجوزة إلا على لغة رديئة ، والعجز بضمتين جمعه ، قيل : قد تقدم في الجنائز أن يهودية دخلت ، وأجيب بأنه لا منافاة بينها .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ولم أنعم " قال بعضهم : هو رباعي من أنعم .

                                                                                                                                                                                  قلت : هو ثلاثي مزيد فيه ، ولا يقال : الرباعي إلا في الأصول أي لم أحسن في تصديقهما ، والحاصل أنها ما صدقتهما .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إن عجوزين " حذف خبره للعلم به وهو دخلتا ، قال بعضهم : ظهر لي أن البخاري هو الذي اختصره .

                                                                                                                                                                                  قلت : الظاهر أن الذي حذفه أحد الرواة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وذكرت له " قال بعضهم : بضم التاء وسكون الراء أي : ذكرت له ما قالتا .

                                                                                                                                                                                  قلت : يجوز أن يكون بفتح الراء وسكون التاء ولا مانع من ذلك لصحة المعنى .

                                                                                                                                                                                  قوله : " تسمعه البهائم " وتقدم في الجنائز أن صوت الميت يسمعه كل شيء إلا الإنسان ، وقد مر الكلام فيه هناك ، قيل : العذاب ليس مسموعا وأجيب بأن المقصود صوت المعذب من الإنس ونحوه ، أو بعض العذاب نحو الضرب فإنه مسموع .

                                                                                                                                                                                  قوله : " بعد " بني على الضم أي : بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " إلا تعوذ " ويروى : إلا يتعوذ بلفظ المضارع .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية