الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1015 100 - حدثنا محمود قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان، عن يحيى، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم في كسوف الشمس أربع ركعات في سجدتين، الأول أطول من الثاني .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، ومحمود هو ابن غيلان المذكور عن قريب، وأبو أحمد هو محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الكوفي ، وليس من ولد الزبير بن العوام ، قال بندار : ما رأينا مثله أحفظ منه، وقال غيره: كان يصوم الدهر، مات سنة ثلاث ومائتين، وسفيان هو الثوري ، ويحيى هو ابن سعيد الأنصاري ، وهذا الحديث قطعة من الحديث الطويل الذي في باب صلاة الكسوف في المسجد، وكأنه مختصر منه بالمعنى، فإنه قال فيه: ثم قام قياما طويلا، وهو دون القيام الأول، وقال في هذا: أربع ركعات في سجدتين، الأولى أطول، وأراد بقوله " أربع ركعات " أربع ركوعات، وأراد بقوله " في سجدتين " يعني ركعتين، وأطلق على الركعة سجدة من باب إطلاق الجزء على الكل، وهذا كما جاء في قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: " من أدرك من الصلاة سجدة فقد أدركها " أي ركعة .

                                                                                                                                                                                  قوله " فالأولى " ويروى الأولى بدون الفاء أي الركعة الأولى أطول، أي من الركعة التالية، ويروى: الأول أطول من الثاني، أي الركوع الأول أطول من الركوع الثاني، وقال صاحب " التوضيح ": وهذا كله حجة على أبي حنيفة في أن صلاة الكسوف ركعتان كسائر النوافل .

                                                                                                                                                                                  قلت: ليت شعري لم لا يذكر حديث أبي بكرة الذي هو حجة عليه على أنه لا خلاف بين أبي حنيفة والشافعي في أن صلاة الكسوف ركعتان، وإنما الخلاف في تكرار الركوع كما مر تحقيقه فيما مضى، وفي مثل هذا لا يقال هذا حجة على فلان، وذاك على فلان، وإنما هذا اختيار، فأبو حنيفة اختار حديث أبي بكرة وغيره من الأحاديث التي ذكرناها عند الاحتجاج له، والشافعي اختار حديث عائشة وما أشبهه من الأحاديث الأخر، فأبو حنيفة لم يقل إذا كرر الركوع إن صلاته تفسد، والشافعي لم يقل إنه إذا ترك التكرار تفسد، ولكن حمية العصبية توقع بعضهم في أكثر من هذا .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية