الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1247 - (أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه وهواه) (ابن النجار) عن أبي ذر. (ض)

التالي السابق


(أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل) ذكر الرجل وصف طردي (نفسه) في ذات الله (وهواه) بأن يكفهما عن الشهوات ويمنعهما عن الاسترسال في اللذات ويلزمهما فعل الأوامر وتجنب المناهي فإنه الجهاد الأكبر والهوى أكبر أعدائك وهو ونفسك أقرب الأعداء إليك لما أن ذلك بين جنبيك والله يقول يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار ولا أكفر عندك من نفسك فإنها في كل نفس تكفر نعمة الله عليها وإذا جاهدت نفسك هذا الجهاد خلص لك جهاد الأعداء الذي إن قتلت فيه كنت شهيدا من الأحياء الذين عند ربهم يرزقون ولعمري إن جهاد النفس لشديد بل لا شيء أشد منه فإنها محبوبة وما تدعو إليه محبوب فكيف إذا دعيت إلى محبوب فإذا عكس الحال وخولف المحبوب اشتد الجهاد بخلاف جهاد أعداء الدين والدنيا ولهذا قال الغزالي: وأشد أنواع الجهاد الصبر على مفارقة ما هواه الإنسان وألفه إذ العادة طبيعة خامسة فإذا انضافت إلى الشهوة تظاهر جندان من جنود الشيطان على جند الله ولا يقوى باعث الدين على قمعهما. فلذا كان أفضل الجهاد وقال أبو يزيد: ما زلت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي حتى سقتها إليه وهي تضحك. .

(تنبيه): قال ابن عربي: العلل في طريق السالكين ليس لها محل إلا النفوس فقط لا حظ فيها للعقول ولا للبدن فإن دواء علل العقول اتخاذ الميزان الطبيعي وإزالة الفكر ومداومة الذكر ليس إلا وعلل البدن الأدوية الطبية وأما أمراض النفس فثلاثة: مرض في الأقوال كالتزام قول الحق فإن الغيبة حق وقد نهى عنها والنصيحة في الملاحق وهي نصيحة مذمومة وكالمن والتحدث بما لا يعني ونحو ذلك ومرض في الأفعال كالرياء والعجب ومرض في الأحوال كصحبة للأولياء ليشيع أنه منهم وهو في نفسه مع شهوته فمن عرف هذه العلل وأدواءها وخلص نفسه منها فقد نفعها وذلك أفضل الجهاد مطلقا فإنه فرض عين مطلقا

(ابن النجار) في تاريخه (عن أبي ذر) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو ذهول عجب وقد خرجه الحافظ أبو نعيم والديلمي من حديث أبي ذر بلفظ: أفضل الجهاد أن تجاهد نفسك وهواك في ذات الله.




الخدمات العلمية