الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1469 - (اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب اللهم وما زويت عني مما أحب فاجعله فراغا لي فيما تحب) . (ت) عن عبد الله بن يزيد الخطمي . (ح)

التالي السابق


(اللهم ارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك) كالملائكة والأنبياء والأصفياء لأنه لا سعادة للقلب ولا لذة ولا نعيم ولا إصلاح إلا بأن يكون الله أحب إليه مما سواهـ. قال ابن القيم: وهذا إشارة إلى أن من خصائص الإلهية العبودية التي قامت على ساقين لا قوام لها بدونهما غاية الحب مع غاية الذل. واعلم أن كل (حب) لا يحكم على صاحبه بأن يصمه عن كل مسموع سوى كلام محبوبه ويعميه عن كل منظور سوى وجه محبوبه ويخرجه عن كل كلام إلا عن ذكر محبوبه وعن ذكر من يحب محبوبه ويختم على قلبه فلا يدخل سوى (حب) محبوبه ويرى قفله على خزانة خياله فلا يتخيل سوى صورة محبوبه أما عند رؤية تقدمته أو عن وصف ينشأ منه الخيال صورة فيكون كما قيل:


خيالك في عيني وذكرك في فمي . . . ومثواك في قلبي فأين تغيب



فيه يسمع وبه يبصر وله يتصور وبه يتكلم وله يكلم فليس من الحب في شيء (اللهم وما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب) لأصرفه فيه سأل الله تعالى أن يجعل ما رزقه من القوة والقوى الجسمانية والروحانية العلمية أو العملية مقويا له على ما يرضيه (وما زويت عني) أي صرفت عني ونحيت عني. قالالقاضي: أصل الزي الجمع والقبض (مما أحب فاجعله فراغا لي فيما تحب) يعني اجعل ما نحيته عني من محابي عونا على شغلي بمحابك وسببا لفراغي لطاعتك ولا تشغل به قلبي فيشغلني عن عبادتك وذلك لأن الفراغ خلاف الشغل فإذا زوى عنه الدنيا ليتفرغ لحساب ربه كان ذلك الفراغ عونا له على الاشتغال بطاعة الله وقد حرر الله أسرار نبينا كالأنبياء من رق الأغيار وصانهم بوجود عنايته من الركون إلى الآثار لا يحبون إلا إياه ولا يشغلون بسواه .

(تنبيه): قال ابن عربي: ألطف ما في الحب ما وجدته وهو أن تجد عشقا مفرطا وهوى وشوقا مقلقا وغراما ونحولا وسهرا أو منع لذة طعام ولا تدري فيمن ولا بمن ولا يتعين لك محبوبك ثم بعد ذلك يبدو لك تجل في كشف فيتعلق ذلك الحب به أو ترى شخصا فيتعلق ذلك الوجد به أو تذكر شخصا فتجد الميل إليه فتعلم أنه صاحبك وهذا من أخفى دقائق استشراف النفوس على الأشياء من خلف حجاب الغيب فلا تدري بمن هامت ولا فيمن هامت ولا ما هامها ويجد الناس ذلك في القبض والبسط الذي لا يعرف سببه فبعده يأتيه ما يحزنه أو يسره فيعرف أن ذلك له وذلك لاستشراف النفس على الأمور قبل تكوينها في تعلق الحواس الظاهرة وهي مقدمات التكوين (تتمة) قد انطوى تحت هذا الحديث عدة مقامات مقام الحب ومقام التوحيد ومقام الصبر ومقام الشكر ومقام الرضى ومقام التسليم ومقام الأنس ومقام البسط ومقام التمكين وغير ذلك ولم يجتمع مثلها في حديث قصير إلا قليلا

(ت) في الدعوات (عن عبد الله بن يزيد ) بمثناتين تحتيتين من الزيادة (الخطمي) بفتح المعجمة وسكون المهملة نسبة إلى بني خطمة قبيلة معروفة صحابي صغير شهيد الحديبية ابن سبع عشر وولى الكوفة لابن الزبير قال الترمذي: حسن غريب. قال ابن القطان: ولم يصححه لأن رواته ثقات إلا سفيان بن وكيع فمتهم بالكذب وترك الرازياني حديثه بعد ما كتبناه وقيل لأبي زرعة أكان يكذب؟ قال نعم.




الخدمات العلمية