الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2044 - (إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا) (ق) عن ابن مسعود . (صح)

التالي السابق


(إن الصدق) الذي هو الإخبار على وفق الواقع وقال الحرالي: مطابقة أقواله وأفعاله لباطن حاله في نفسه وعرفان قلبه (يهدي) بفتح أوله أي يوصل صاحبه (إلى البر) بالكسر اسم يجمع الخير كله وقيل هو التوسع في الخير وقيل اكتساب الحسنات واجتناب السيئات (وإن البر يهدي) بفتح أوله أي يوصل صاحبه (إلى الجنة) يعني أن الصدق الذي يدعو إلى ما يكون برا مثله وذلك يدعو إلى دخول الجنة فهو سبب دخولها ومصداقه إن الأبرار لفي نعيم (وإن الرجل) ذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان المؤمن (ليصدق) أي يلازم الصدق (حتى يكتب عند الله صديقا) بكسر فتشديد للمبالغة والمراد يتكرر منه الصدق ويداوم عليه حتى يستحق اسم المبالغة فيه ويشتهر بذلك عند الملأ الأعلى قولا وفعلا واعتقادا ثم يوضع له ذلك في قلوب أهل الأرض كما في رواية فالمراد بالكتابة الكتابة في اللوح أو في صحف الملائكة. قال الطيبي: حتى للتدريج (وإن الكذب) أي الإخبار بخلاف الواقع (يهدي إلى الفجور) الذي هو هتك ستر الديانة والميل إلى الفساد والانبعاث في المعاصي وهو اسم جامع لكل شر (وإن الفجور يهدي إلى النار) أي يوصل إلى ما يكون سببا لدخولها وذلك داع لدخولها (وإن الرجل ليكذب) أي يكثر الكذب (حتى يكتب عند الله كذابا) بالتشديد صيغة مبالغة أي يحكم له بذلك ويستحق الوصف بمنزلة الصديقين وثوابهم في الأولى أو الكذابين وعقابهم في الثاني فالمراد إظهاره لخلقه بالكتابة فيما ذكر ليشتهر في الملأ الأعلى وتلقى في قلوب أهل الأرض كما تقرر ويوضع على ألسنتهم كما يوضع القبول والبغضاء في الأرض ذكره العلاء وغيره وعزوه لابن حجر رحمه الله قصور قال البعض فالمضارعان وهما يصدق ويكذب للاستمرار ومن ثم كان الكذب أشد الأشياء ضررا والصدق أشدها نفعا ولهذا علت رتبته على رتبة الإيمان لأنه إيمان وزيادة يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وفيه كما قال النووي حث على تحري الصدق والاعتناء به فإنه إذا اعتنى به أكثر منه فعرف به وتحذير من الكذب والتساهل فيه فإنه إذا تساهل فيه أكثر منه وعرف به (تتمة) قال الراغب: الصدق أحد أركان بقاء العالم حتى لو توهم مرتفعا لما صح نظامه وبقاؤه وهو أصل المحمودات وركن النبوات ونتيجة التقوى ولولاه لبطلت أحكام الشرائع والاتصاف بالكذب انسلاخ من الإنسانية لخصوصية الإنسان بالنطق ومن عرف بالكذب لم يعتمد نطقه وإذا لم يعتمد لم ينفع صار هو والبهيمة سواء بل يكون شرا من البهيمة فإنها وإن لم تنتفع بلسانها لا تضر والكاذب يضر ولا ينفع

(ق) عن ابن مسعود) ووهم الحاكم حيث استدركه.




الخدمات العلمية