الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2158 - (إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي الأب) (حم) (خد) (م) (د) (ت) عن ابن عمر. (صح)

التالي السابق


(إن أبر) .

وفي رواية من أبر (البر) أي الإحسان جعل البر بارا ببناء أفعل التفضيل منه وإضافته إليه مجازا والمراد منه أفضل البر فأفعل التفضيل للزيادة المطلقة قال الأكمل: أبر البر من قبيل جل جلاله وجد جده بجعل الجد جادا وإسناد الفعل إليه (أن يصل الرجل أهل ود أبيه) بضم الواو بمعنى المودة (بعد أن يولي الأب) بكسر اللام المشددة أي يدبر بموت أو سفر قال التوربشتي: وهذه الكلمة مما تخبط الناس فيها والذي أعرفه أن الفعل مسند إلى أبيه أي بعد أن يموت أو يغيب أبوه من ولى يولي قال الطيبي: وفي جامع الأصول والمشارق: يولي بضم الياء وفتح الواو وكسر اللام المشددة والمعنى أن من جملة المبرات الفضلى مبرة الرجل أحباء أبيه فإن مودة الآباء قرابة الأبناء أي إذا غاب أبوه أو مات يحفظ أهل وده ويحسن إليهم فإنه من تمام الإحسان إلى الأب قال الحافظ العراقي رحمه الله: جعله أبر البر أو من أبره لأن الوفاء بحقوق الوالدين والأصحاب بعد موتهم أبلغ لأن الحي يجامل والميت لا يستحي منه ولا يجامل إلا بحسن العهد ويحتمل أن أصدقاء الأب كانوا مكيفين في حياته بإحسانه وانقطع بموته فأمر بنيه أن يقوموا مقامه فيه وإنما كان هذا أبر البر لاقتضائه الترحم والثناء على أبيه فيصل لروحه راحة بعد زوال المشاهدة المستوجبة للحياة وذلك أشد من بره له في حياته وكذا بعد غيبته فإنه إذا لم يظهر له شيء يوجب ترك المودة فكأنه حاضر فيبقى وده كما كان وكذا بعد المعاداة رجاء عود المودة وزوال الوحشة وإطلاق التولية على جميع هذه الأشياء إما حقيقة فيكون من عموم المشترك أو من التواطئ أو بعضها فيكون من الجمع بين الحقيقة والمجاز ونبه بالأب على بقية الأصول وقياس تقديم الشارع الأم في البر كون وصل أهل ودها أقدم وأهم ومن البين أن الكلام في أصل مسلم أما غيره فيظهر أنه أجنبي من هذا المقام نعم إن كان حيا ورجا ببر أصدقائه تألفه للإسلام تأكد وصله وفي معنى الأصول الزوجة فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يصل صويحبات خديجة بعد موتها قائلا حسن العهد من الإيمان وألحق بعضهم بالأب الشيخ ونحوه

(حم) (خد) (م) (د) (ت) عن ابن عمر) بن الخطاب مر به أعرابي وهو راكب على حمار فقال ألست ابن فلان قال بلى فأعطاه حماره وعمامته فقيل له فيه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره.

وفي رواية لمسلم: أنه أعطاه حمارا كان يركبه وعمامة كانت على رأسه فقالوا له أصلحك الله إنه من الأعراب وإنهم يرضون باليسير فقال إن أبا هذا كان ودا لعمر وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره.

وفي رواية لأبي داود عن أبي أسيد: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما قال نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما.




الخدمات العلمية