الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
8286 4206 - (8491) - (2\341) عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=688980قال: " nindex.php?page=treesubj&link=28742_31784_28752_30688_31011ما من الأنبياء نبي إلا قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله - عز وجل - إلي، وأرجو أن أكون أكثرهم تبعا يوم القيامة".
* قوله : "ما مثله آمن عليه البشر"؛ كلمة "ما": موصولة، مفعول ثان لـ"أعطي"، و"مثله " مبتدأ، خبره جملة "آمن عليه البشر"، والجملة الاسمية صلته، ومعنى "عليه": لأجله، ولا يخفى أن الحديث مسوق للفرق بين معجزات الأنبياء من قبل، ومعجزته العظمى التي هي القرآن، والشراح قد تعرضوا للفرق بوجوه، لكن ما أتوا بها على وجه يؤديه لفظ الحديث، ويخرج منه، والأقرب عندي في بيان الفرق أن يقال: إن قوله: "آمن عليه البشر" إما لبيان ظهور معجزات غيره؛ أي: إن معجزات غيره من الظهور كانت بحيث إن البشر مع كمال ما جبل عليه من الجدال والخصام؛ كما يشهد بذلك قوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=54وكان الإنسان أكثر شيء جدلا [ الكهف: 54]، وقوله تعالى: nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77فإذا هو خصيم مبين [ يس: 77 ] ، آمن بها؛ أي: يمكن إيمانه بسبب الظهور؛ أي: إنها من الظهور كانت تجلب القلوب إلى التصديق بها؛ كالعصا، وانفلاق البحر، وشق الجبل، وإحياء الموتى، وخروج الناقة من حجر، وأما معجزتي، فوحي متلو لا يدرك إعجازه إلا بكمال العقل وحدة النظر، ولا يظهر لكل أحد، فإعطاؤها لأمتي دليل على أنهم خلقوا على كمال العقل وحدة النظر، فرجاء الإيمان منهم أكثر وأغلب.
[ ص: 52 ]
أو المعنى: أما معجزتي، فكلام مبارك يجلب القلوب إلى الإيمان ببركاته،
أو هي معجزة خفي الإعجاز، فالإيمان به تكرمة من الله تعالى، فرجاء الإيمان من أمتي بسبب بركة القرآن، وبتكرمة الله تعالى أكثر.
وإلى الوجه الثالث يشير كلام الأبي - رحمه الله تعالى - في "شرح مسلم"، والوجه الأول أقرب.
أو يقال: إن قوله: "آمن عليه البشر" بيان لاقتصار معجزاتهم على قدر الحاجة والكفاية؛ أي: إن معجزاتهم كانت عما يكفي الإيمان البشر، ومعجزتي أظهر وأوفر وأزيد على قدر الحاجة؛ لأنه ليس من جنس ما يقال: إنه سحر، ولأنه دائم، فهو أزيد على قدر الحاجة.
وكلام الشراح يشير إلى الوجه الأخير، فتأمل.
وقيس معنى "آمن عليه البشر"؛ أي: عند معاينته ومعاينة تلك المعجزات ما كانت إلا وقت ظهورها، وأما معجزتي، فمستمر دائم لا يختص معاينته بوقت دون وقت، والله تعالى أعلم.