الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
9977 4663 - (10350) - (2\489 - 490) عن أبي عمر الغداني، قال: كنت عند أبي هريرة جالسا، قال: فمر رجل من بني عامر بن صعصعة، فقيل له: هذا أكثر عامري نادى مالا، فقال أبو هريرة: ردوه إلي، فردوه عليه فقال: نبئت أنك ذو مال كثير، فقال العامري: إي والله إن لي لمائة حمرا، ومائة أدماء، حتى عد من ألوان الإبل، وأفنان الرقيق، ورباط الخيل، فقال أبو هريرة: إياك، وأخفاف الإبل، وأظلاف الغنم، يردد ذلك عليه حتى جعل لون العامري يتغير، أو يتلون، فقال: ما ذاك يا أبا هريرة؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من كانت له إبل لا يعطي حقها في نجدتها، ورسلها " قلنا: يا رسول الله، ما نجدتها ورسلها؟ قال: " في عسرها ويسرها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت، وأكبره، وأسمنه، وآشره، ثم يبطح لها بقاع قرقر، فتطؤه بأخفافها، ذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله،

وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها، ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة

[ ص: 277 ]

كأغذ ما كانت، وأكبره، وأسمنه، وآشره، ثم يبطح لها بقاع قرقر، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها، إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس حتى يرى سبيله، وإذا كانت له غنم لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها، فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت، وأكبره، وأسمنه، وآشره، ثم يبطح لها بقاع قرقر، فتطؤه كل ذات ظلف بظلفها، وتنطحه كل ذات قرن بقرنها - يعني ليس فيها عقصاء، ولا عضباء - إذا جاوزته أخراها أعيدت أولاها، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله "، فقال العامري: وما حق الإبل يا أبا هريرة؟ قال: " أن تعطي الكريمة، وتمنح الغزيرة، وتفقر الظهر، وتسقي اللبن، وتطرق الفحل ".

فقال العامري: وما حق الإبل يا أبا هريرة؟ قال: أن تعطي الكريمة، وتمنح الغزيرة، وتفقر الظهر، وتسقي اللبن، وتطرق الفحل.


التالي السابق


* قوله : "هذا أكثر عامر ينادى مالا": قد جاء في بعض النسخ: "نادى" بلفظ الماضي؛ من النداء، وفي بعضها: "ناد" ؛ كداع، و"باد" بموحدة موضع النون، فالثالث واضح؛ أي: ساكن في البدو، أما الأولان، فلعلهما بمعنى الجمع، ويكون "مالا" مفعولا به، والله تعالى أعلم.

* قوله : "إياك وأخفاف الإبل وأظلاف الغنم"؛ أي: إياك وأن تمنع زكاة الإبل والغنم؛ فتطأك الإبل بأخفافها، والغنم بأظلافها.

* "كأغذ ما كانت": من الإغذاذ - بغين معجمة وذالين معجمتين - ؛ أي: أسرع وأنشط، يقال، أغذ يغذ إغذاذا؛ إذا أسرع في السير.

* "وأشره": من الشر، والمشهور في تفضيله: شر؛ كما أن المشهور في مقابله: خير، لكن قد جاء على الأصل كما هاهنا؛ أي: وأكثره شرا.

[ ص: 278 ] * قوله: "أن تعطي الكريمة"؛ أي: تعطي الكريمة عليك؛ بأن تهبها لأحد،

أو تصدق بها عليه.

* "وتفقر": من الإفقار - بتقديم الفاء على القاف - ؛ أي: تعطي ظهره عارية؛ أي: تركب عليه أحدا.

* "وتطرق الفحل": من أطرق الفحل: إذا أعاره للضراب.

* * *




الخدمات العلمية