الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        4874 - حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، وهشام بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، أن رجلا من مزينة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، كيف ترى في حريسة الجبل ؟

                                                        فقال : ليس في شيء من الماشية قطع إلا ما أواه المراح ، فبلغ ثمنه ثمن المجن ، ففيه قطع اليد ، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثليه ، وجلدات نكال .

                                                        قال : يا رسول الله ، كيف ترى في الثمر المعلق ؟ قال : هو ومثله معه ، والنكال وليس في شيء من الثمر المعلق قطع إلا ما أواه الجرين ، فما أخذ من الجرين فبلغ ثمنه ثمن المجن ، ففيه القطع ، وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثليه وجلدات نكال
                                                        .

                                                        فكانت العقوبات جارية فيما ذكر في هذه الآثار على ما ذكر فيها ، حتى نسخ ذلك بتحريم الربا ، فعاد الأمر إلى أن لا يؤخذ ممن أخذ شيئا إلا مثل ما أخذ ، وإن العقوبات لا تجب في الأموال بانتهاك الحرمات التي هي غير أموال .

                                                        فحديث سلمة - عندنا - كان في الوقت الأول ، فكان الحكم على من زنا بجارية امرأته مستكرها لها ، عليه أن تعتق ، عقوبة له في فعله ، ويغرم مثلها لامرأته .

                                                        وإن كانت طاوعته ألزمها جارية زانية ، وألزمه مكانها جارية طاهرة ، ولم تعتق هي بطواعيتها إياه . وفرق في ذلك ، بينما إذا كانت مطاوعة له ، وبينما إذا كانت مستكرهة ، ثم نسخ ذلك ، فردت الأمور إلى أن لا يعاقب أحد بانتهاك حرمة لم يأخذ فيها مالا بأن يغرم مالا ، ووجبت عليه العقوبة التي أوجب الله على سائر الزناة .

                                                        فثبت بما ذكرنا ما روى النعمان ، ونسخ ما روى سلمة بن المحبق .

                                                        وأما ما ذكروا من فعل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ومذهبه في ذلك ، إلى مثل ما روى سلمة ، فقد خالفه فيه غيره من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية