الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        4887 - وقد روي نحو ذلك أيضا عن غير البراء ، ما حدثنا محمد بن علي بن داود وفهد ومحمد بن الورد ، قالوا : حدثنا يوسف بن منازل الكوفي ، قال : ثنا عبد الله بن إدريس ، عن خالد بن أبي كريمة ، عن معاوية بن قرة ، عن أبيه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث جده معاوية إلى رجل عرس بامرأة أبيه أن يضرب عنقه ويخمس ماله .

                                                        فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين بأخذ مال المتزوج وتخميسه دل ذلك أن المتزوج كان بتزوجه مرتدا محاربا ، فوجب أن يقتل لردته ، وكان ماله كمال الحربيين ؛ لأن المرتد الذي لم يحارب ، كل قد أجمع في أخذ ماله ، على خلاف التخميس .

                                                        فقال قوم - وهم أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله ، ومن قال بقولهم : ( ماله لورثته من المسلمين ) .

                                                        وقال مخالفوهم : ماله كل فيء ولا تخميس فيه ؛ لأنه لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب .

                                                        ففي تخميس النبي صلى الله عليه وسلم مال المتزوج - الذي ذكرنا - دليل على أنه قد كانت منه الردة والمحاربة جميعا .

                                                        فانتفى بما ذكرنا أن يكون على أبي حنيفة وسفيان رحمهما الله في ذلك الحديث حجة .

                                                        فإن قال قائل : فقد رأينا ذلك النكاح نكاحا لا يثبت ، فكان ينبغي إذا لم يثبت أن يكون في حكم ما لم ينعقد ، فيكون الواطئ عليه كالواطئ لا على نكاح فيحد .

                                                        [ ص: 151 ] قيل له : إن كان ذلك كذلك ، فلم كان سؤالك إيانا ما ذكرت ذكر التزويج ، كان ينبغي أن تقول : ( رجل زنى بذات محرم منه ) .

                                                        فإن قلت ذلك ، كان جوابنا لك أن نقول : عليه الحد وإن أطلقت اسم التزوج ، وسميت ذلك النكاح نكاحا ، وإن لم يكن ثابتا ، فلا حد على واطئ على نكاح جائز ولا فاسد .

                                                        وقد رأينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قضى في المتزوج في العدة التي لا يثبت فيها نكاح الواطئ على ذلك ما يدل على خلاف مذهبك .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية