الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5369 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا وهب بن جرير ، قال : ثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه ، قال : نزلت في أربع آيات : أصبت سيفا يوم بدر ، فقلت : يا رسول الله ، نفلنيه ، فقال : ضعه من حيث أخذته .

                                                        ثم قلت : يا رسول ، نفلنيه ، فقال : ضعه من حيث أخذته . قلت : يا رسول الله ، نفلنيه ، فقال : ضعه من حيث أخذته ، أتجعل كمن لا غنى له - أو قال : أو جعل كمن لا غنى له . الشك من ابن مرزوق - قال : ونزل : يسألونك عن الأنفال إلى آخر الآية
                                                        .

                                                        قال أبو جعفر : ففي هذه الآثار كلها ، التي أباحت الغنائم إنما جعلت في بدء تحليلها ، لله والرسول .

                                                        فلم يكن ما أضاف الله سبحانه وتعالى منها إلى نفسه ، على أن يصرف شيء منها في حق الله تعالى ، فيصرف ذلك في ذلك الحق بعينه ، لا يجوز أن يتعدى إلى غيره ، ويصرف بعينها إلى سهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتكون مقسمة [ ص: 280 ] على سهمين ، مصروفة في وجهين ، بل جعلت كلها متصرفة في وجه واحد ، وهو إن جعلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يستأثر بها على أصحابه ، ولم يخص بها بعضهم دون بعض ، بل عمهم بها جميعا ، وسوى بينهم فيها ، ولم يخرج منها لله خمسا ؛ لأن آية الخمس فيء الأفياء ، وآية الغنائم لم تكن نزلت عليه حينئذ .

                                                        ففيما ذكرنا ما يدل على أنه لما نزلت آية الغنائم ، وهي التي وقع في تأويلها من الاختلاف ما قد ذكرنا ، أن لا يكون ما أضاف الله تعالى منها إلى نفسه من الغنائم ، يجب به لله فيها سهم ، فيكون ذلك السهم خلاف سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها .

                                                        ولكنه كان منه على أنه له ، عز وجل ، فرض أن يقسم على ما سماه من الوجوه التي ذكرناها .

                                                        فبطل بذلك قول من ذهب إلى أن الغنيمة تقسم على ستة أسهم .

                                                        ثم رجعنا إلى قول من ذهب إلى أنها تقسم على أربعة أسهم ، إلى ما احتجوا به في ذلك من خبر ابن عباس رضي الله عنهما الذي رويناه في صدر هذا الكتاب ، وإن كان خبرا منقطعا ، لا يثبت مثله ، غير أن قوما من أهل العلم بالآثار يقولون : إنه صحيح ، وإن علي بن أبي طلحة ، وإن كان لم يكن رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، فإنما أخذ ذلك عن مجاهد وعكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنهما .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية