4944 - حدثنا ، قال : ثنا يونس ، قال : أخبرني ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، أنه حدثه ، أنه بلغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر مثله سواء . قبيصة بن ذؤيب الكعبي
فثبت بما ذكرنا أن القتل بشرب الخمر في الرابعة منسوخ ، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار .
ثم عدنا إلى النظر في ذلك ؛ لنعلم ما هو ؟ فرأينا العقوبات التي تجب بانتهاك الحرمات مختلفة .
فمنها حد الزنا وهو الجلد في غير الإحصان ، فكان من زنى وهو غير محصن فحد ، ثم زنى ثانية كان حده كذلك أيضا ، ثم كذلك حده في الرابعة ، لا يتغير عن حده في أول مرة .
وكان من سرق ما يجب فيه القطع ، فحده قطع اليد ، ثم إن سرق ثانية فحده قطع الرجل ، ثم إن سرق ثالثة ففي حكمه اختلاف بين الناس .
[ ص: 162 ] فمنهم من يقول : تقطع يده ، ومنهم من يقول : لا تقطع ، فهذه حقوق الله التي تجب فيما دون الأنفس .
وأما حدود الله التي تجب في الأنفس ، وهي القتل في الردة ، والرجم في الزنا إذا كان الزاني محصنا .
فكان من زنى ممن قد أحصن رجم ، ولم ينتظر به أن يزني أربع مرات ، وكان من ارتد عن الإسلام قتل ، ولم ينتظر به أن يرتد أربع مرات .
وأما حقوق الآدميين ، فمنها أيضا ما يجب فيما دون النفس .
فمن ذلك حد القذف ؛ فكان من قذف مرات ، فحكمه فيما يجب عليه بكل مرة منها ، فهو حكم واحد لا يتغير ، ولا يختلف ما يجب في قذفه إياه في المرة الرابعة ، وما يجب عليه بقذفه إياه في المرة الأولى .
فكانت الحدود لا تتغير في انتهاك الحرم ، وحكمها كلها حكم واحد .
فما كان منها جلد في أول مرة ، فحكمه كذلك أبدا ، وما كان منها قتل قتل الذي وجب عليه ذلك الفعل أول مرة ، ولم ينتظر به أن يتكرر فعله أربع مرات .
فلما كان ما وصفنا كذلك ، وكان من شرب الخمر مرة فحده الجلد لا القتل ، كان في النظر أيضا عقوبته في شربه إياها بعد ذلك أبدا ، كلما شربها الجلد لا القتل ، ولا تزيد عقوبته بتكرر أفعاله ، كما لم تزد عقوبة من وصفنا بتكرر أفعاله .
فهذا الذي وصفنا هو النظر ، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمة الله عليهم أجمعين . ومحمد