الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5439 - وذكر في ذلك ما حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا يوسف بن عدي ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن محمد بن إسحاق ، قال : سألت أبا جعفر ، قلت : أرأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث ولي العراق وما ولي من أمر الناس ، كيف صنع في سهم ذوي القربى ؟ قال : سلك به - والله - سبيل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .

                                                        قلت : وكيف ، وأنتم تقولون ما تقولون ؟ قال : أما والله ، ما كان أهله يصدرون إلا عن رأيه .

                                                        قلت : فما منعه ؟ قال : كره - والله - أن يدعى عليه خلاف أبي بكر رضي الله عنه
                                                        .

                                                        قيل له : هذا تأوله محمد بن علي على علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه في تركه خلاف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، وهو يرى في الحقيقة خلاف ما رأيا .

                                                        لا يجوز ذلك - عندنا - على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولا يتوهم على مثله ، فكيف يتوهم عليه وقد خالف أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في أشياء ، وخالف عمر وحده في أشياء أخر ؟

                                                        منها : ما رأى من جواز بيع أمهات الأولاد بعد نهي عمر عن بيعهن ، ومن ذلك ما رأى من التسوية بين الناس في العطاء ، وقد كان عمر رضي الله عنه يفضل بينهم على قدر سوابقهم .

                                                        ولعلي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أعرف بالله من أن يجري شيئا على ما الحق عنده في خلافه ، ولكنه أجرى الأمر بسهم ذوي القربى على ما رآه حقا وعدلا ، فلم يخالف أبا بكر وعمر رضي الله عنهما فيه ، ولقد كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يخالف أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في حياتهما في أشياء قد رأيا في ذلك خلاف ما رأى ، فلا يرى الأمر عليه في ذلك دنفا ، ولا يمنعانه من ذلك ، ولا يؤاخذانه عليه ، فكيف يسعه هذا في حال ، الإمام فيها غيره ، ثم بصق عليه في حال هو الإمام فيها نفسه ، هذا - عندنا - محال .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية