6173 - حدثنا علي بن شيبة ، قال : ثنا ، قال : أنا يزيد بن هارون ، عن همام بن يحيى ، عن قتادة سعيد بن المسيب عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فدعا لهما ثلاثة من القافة ، فدعا بتراب فوطئ فيه الرجلان والغلام .
ثم قال لأحدهم : انظر ، فنظر ، فاستقبل واستعرض ، واستدبر ، ثم قال : أسر أو أعلن ؟ فقال عمر : بل أسر .
فقال : لقد أخذ الشبه منهما جميعا ، فما أدري لأيهما هو ؟ فأجلسه .
ثم قال للآخر أيضا : انظر ، فنظر ، واستقبل ، واستعرض ، واستدبر ، ثم قال : أسر أو أعلن ؟ قال : بل أسر .
قال : لقد أخذ الشبه منهما جميعا ، فلا أدري لأيهما هو ؟ وأجلسه .
ثم أمر الثالث فنظر ، فاستقبل ، واستعرض واستدبر ، ثم قال : أسر أم أعلن ؟
قال : لقد أخذ الشبه منهما جميعا ، فما أدري لأيهما هو ؟
فقال عمر : إنا نعرف الآثار بقولها ثلاثا ، وكان عمر قائفا ، فجعله لهما ، يرثانه ويرثهما .
فقال لي سعيد : أتدري عن عصبته ؟ قلت : لا ، قال : الباقي منهما . أن رجلين اشتركا في طهر امرأة ، فولدت لهما ولدا ، فارتفعا إلى
قال : فليس يخلو حكمه في هذه الآثار التي ذكرنا من أحد وجهين : إما أن يكون بالدعوى لأن الرجلين ادعيا الصبي وهو في أيديهما ، فألحقه بهما بدعواهما ، أو يكون فعل ذلك . أبو جعفر
فكان الذين يحكمون بقول القافة لا يحكمون بقولهم إذا قالوا : هو ابن هذين .
فلما كان قولهم كذلك ، ثبت على قولهما أن يكون قضاء عمر بالولد للرجلين كان بغير قول القافة .
[ ص: 164 ] وفي حديث ، ما يدل على ذلك ، وذلك أنه قال : فقال القافة : لا ندري لأيهما هو ؟ فجعله سعيد بن المسيب عمر بينهما .
والقافة لم يقولوا : هو ابنهما ، فدل ذلك أن عمر أثبت نسبه من الرجلين بدعواهما ، ولما لهما عليه من اليد ، لا بقول القافة .
فإن قال قائل : فإذا كان ذلك كما ذكرته ، فما كان احتياج عمر إلى القافة حتى دعاهم ؟
قيل له : يحتمل ذلك عندنا ، والله أعلم ، أن يكون عمر رضي الله عنه وقع بقلبه أن حملا لا يكون من رجلين ، فيستحيل إلحاق الولد بمن يعلم أنه لم يلده ، فدعا القافة ليعلم منهم هل يكون ولد يحمل به من نطفتي رجلين أم لا ؟ وقد بين ذلك ما ذكرنا في حديث أبي المهلب .
فلما أخبره القافة بأن ذلك قد يكون ، وأنه غير مستحيل ، رجع إلى الدعوى التي كانت من الرجلين ، فحكم بها ، فجعل الولد ابنهما جميعا ، يرثهما ويرثانه ، فذلك حكم بالدعوى ، لا بقول القافة .