44 - قوله: (ص): أطلق الخطيب والسلفي الصحة على كتاب . النسائي
قلت: وقد أطلق عليه - أيضا - اسم الصحة . أبو علي النيسابوري وأبو أحمد بن عدي وأبو الحسن الدارقطني وابن منده وعبد الغني بن سعيد وأبو يعلى الخليلي وغيرهم.
وأطلق اسم الصحة عليه وعلى كتابي الحاكم أبي داود كما سبق. والترمذي
[ ص: 482 ] وقال : أبو عبد الله بن منده البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي . الذين خرجوا الصحيح أربعة:
وأشار إلى مثل ذلك . أبو علي ابن السكن
وما حكاه عن ابن الصلاح الباوردي أن يخرج أحاديث من لم يجمع على تركه، فإنما أراد بذلك إجماعا خاصا. النسائي
[ :] طبقات النقاد
وذلك أن كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد ومتوسط.
فمن الأولى: شعبة ، وسفيان الثوري أشد منه. وشعبة
ومن الثانية: يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى أشد من عبد الرحمن .
ومن الثالثة: يحيى بن معين ، وأحمد ويحيى أشد من . أحمد
ومن الرابعة: أبو حاتم ، والبخاري أشد من وأبو حاتم . البخاري
وقال : لا يترك الرجل عندي حتى يجتمع الجميع على تركه. النسائي
فأما إذا وثقه وضعفه ابن مهدي مثلا فإنه لا يترك لما عرف من تشديد يحيى القطان يحيى ومن هو مثله في النقد. وإذا تقرر ذلك ظهر أن الذي يتبادر إلى الذهن من أن مذهب في الرجال مذهب متسع ليس كذلك، فكم من رجل أخرج له النسائي أبو داود تجنب والترمذي إخراج حديثه. كالرجال الذين ذكرنا قبل أن النسائي [ ص: 483 ] يخرج أحاديثهم وأمثال من ذكرنا، بل تجنب أبا داود إخراج حديث جماعة من رجال الصحيحين. النسائي
وحكى أبو الفضل بن طاهر قال: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل فوثقه فقلت له: إن لم يحتج به فقال: يا بني ! إن النسائي لأبي عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري . ومسلم
وقال في جزء له معروف: هذه أبو بكر البرقاني الحافظ أسماء رجال تكلم فيهم ممن أخرج له الشيخان في صحيحيهما: سألت عنهم النسائي فدون كلامه في ذلك. أبا الحسن الدارقطني
قال أحمد بن محجوب الرملي : سمعت يقول: لما عزمت على جمع السنن استخرت الله تعالى في الرواية عن شيوخ كان في القلب منهم بعض الشيء، فوقعت الخيرة على تركهم فنزلت في جملة من الحديث كنت أعلو فيها عنهم. النسائي
وقال الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر شيخ : من يصبر على ما يصبر عليه الدارقطني ؟ كان عنده حديث النسائي ترجمة ترجمة فما حدث منها بشيء . ابن لهيعة
[ ص: 484 ] قلت: وكان عنده عاليا عن قتيبة عنه ولم يحدث به لا في السنن ولا في غيرها.
وقال محمد بن معاوية الأحمر الراوي عن ما معناه قال النسائي : كتاب السنن كله صحيح وبعضه معلول إلا أنه لم يبين علته، والمنتخب منه المسمى بالمجتبى صحيح كله. النسائي
وقال أبو الحسن المعافري : إذا نظرت إلى ما يخرجه أهل الحديث فما خرجه أقرب إلى الصحة مما خرجه غيره. النسائي
وقال ابن رشيد : كتاب أبدع الكتب المصنفة في السنن تصنيفا وأحسنها ترصيفا، وكأن النسائي البخاري مع حظ كبير من بيان العلل ومسلم . كتابه جامع بين طريقتي
وفي الجملة فكتاب أقل الكتب بعد الصحيحين (حديثا) ضعيفا ورجلا مجروحا، ويقاربه كتاب النسائي وكتاب أبي داود ويقابله في [ ص: 485 ] الطرف الآخر كتاب الترمذي ؛ فإنه تفرد فيه بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث، وبعض تلك الأحاديث لا تعرف إلا من جهتهم مثل ابن ماجه حبيب بن أبي حبيب كاتب مالك والعلاء بن زيدل وداود بن المحبر وعبد الوهاب بن الضحاك وإسماعيل بن زياد السكوني وعبد السلام بن أبي الجنوب وغيرهم.
[ ص: 486 ] وأما ما حكاه عن ابن طاهر أنه نظر فيه فقال: لعل لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا مما فيه ضعف. أبي زرعة الرازي
فهي حكاية لا تصح لانقطاع إسنادها، وإن كانت محفوظة فلعله أراد ما فيه من الأحاديث الساقطة إلى الغاية أو كان ما رأى من الكتاب إلا جزءا منه فيه هذا القدر.
وقد حكم على أحاديث كثيرة منه بكونها باطلة أو ساقطة أو منكرة، ذلك محكي في كتاب العلل أبو زرعة وكان لابن أبي حاتم الحافظ صلاح الدين العلائي يقول: ينبغي أن يعد كتاب سادسا للكتب الخمسة بدل كتاب الدارمي ؛ فإن قليل الرجال الضعفاء نادر الأحاديث المنكرة والشاذة، وإن كانت فيه أحاديث مرسلة وموقوفة فهو مع ذلك أولى من كتاب ابن ماجه . ابن ماجه
قلت: وبعض أهل العلم لا يعد السادس إلا الموطأ؛ كما صنع رزين السرقسطي وتبعه في جامع الأصول. المجد ابن الأثير
[ ص: 487 ] [أول من أضاف إلى الأصول :] ابن ماجه
وكذا غيره. وحكى ابن عساكر أن أول من أضاف كتاب إلى الأصول ابن ماجه أبو الفضل ابن طاهر ، وهو كما قال؛ فإنه عمل أطرافه معها وصنف جزءا آخر في شروط الأئمة الستة فعده منهم، ثم عمل الحافظ عبد الغني كتاب الكمال في أسماء الرجال الذي هذبه الحافظ أبو الحجاج المزي فذكره فيهم.
وإنما عدل ومن تبعه عن عد الموطأ إلى عد ابن طاهر لكون زيادات الموطأ على الكتب الخمسة من الأحاديث المرفوعة يسيرة جدا بخلاف ابن ماجه ، فإن زياداته أضعاف زيادات الموطأ فأرادوا بضم كتاب ابن ماجه إلى الخمسة تكثير الأحاديث المرفوعة والله أعلم. ابن ماجه
ومن هنا يتبين ضعف طريقة من صنف في الأحكام بحذف الأسانيد المذكورة، كأبي البركات ابن تيمية ، فإنهم يخرجون الحديث منها ويعزونه إليها من غير بيان صحته أو ضعفه.
وأعجب من ذلك أن الحديث يكون في وقد ذكر علته فيخرجونه [ ص: 488 ] منه مقتصرين على قولهم: رواه الترمذي ، معرضين عما ذكر من علته. وقد تبع الترمذي الأحاديث التي سكت أبو الحسن ابن القطان عبد الحق في أحكامه عن ذكر عللها بما فيه مقنع. وهو وإن كان قد تعنت في كثير منه فهو مع ذلك جم الفائدة. والله سبحانه الموفق.