47 - قوله: (ص): "وسبيل من أراد البسط أن يعمد إلى صفة معينة... " إلى آخره.
[ ص: 493 ] أقول: شرح هذا شيخنا في شرح منظومته، ولم يعترض له هنا فرأيت الإشارة إلى ذلك هنا.
[ :] صفات القبول
قال - رضي الله عنه - : صفات القبول ستة:
1 - اتصال السند .
2 - وعدالة الرجال.
3 - والسلامة من كثرة الخطأ والغفلة.
قلت: بل التعبير هنا باشتراط الضبط أولى. انتهى.
4 - قال: ومجيء الحديث من وجه آخر حيث كان في الإسناد مستور لم تعرف أهليته وليس متهما كثير الغلط.
قلت: وكذا إذا كان فيه ضعيف بسبب سوء الحفظ، أو كان في الإسناد انقطاع خفيف أو خفي، أو كان مرسلا. كما قررنا ذلك في الكلام على الحسن المجبور. انتهى.
5 - قال: والسلامة من الشذوذ.
6 - والسلامة من العلة القادحة.
قلت: وتلخيص التقسيم المطلوب أن فقد الأوصاف راجع إلى ما في راويه طعن أو في سنده سقط، ، ويدخل تحت ذلك المرسل والمعلق والمدلس والمنقطع والمعضل، وكل واحد من هذه إذا انضم إليه وصف من أوصاف الطعن وهي: تكذيب الراوي أو تهمته بذلك أو فحش غلطه أو مخالفته أو بدعته أو جهالة عينه أو جهالة حاله فباعتبار ذلك يخرج منه أقسام كثيرة مع الاحتراز من التداخل المفضي إلى التكرار، فإذا فقد ثلاثة أوصاف من مجموع ما ذكر حصلت منها أقسام أخرى مع الاحتراز مما ذكر، ثم إذا فقد أربعة أوصاف، فكذلك ثم كذلك إلى آخره، فكل ما عدمت فيه صفة واحدة يكون أخف مما عدمت فيه صفتان بشرط أن لا تكون الصفة المتقدمة قد جبرتها صفة قوية، وهكذا إلى أن ينتهي الحديث إلى درجة فالسقط إما أن يكون في أوله أو في آخره أو في [ ص: 494 ] أثنائه ، ويوجد فيه ما يشترط انعدامه من جميع أسباب الطعن والسقط. الموضوع المختلق بأن تنعدم فيه شروط القبول
لكن قال شيخنا: إنه لا يلزم من ذلك ثبوت الحكم بالوضع وهو متجه، لكن مدار الحكم في الأنواع على غلبة الظن، وهي موجودة هنا - والله أعلم - .
تنبيهات:
الأول: قولهم: "ضعيف الإسناد" أسهل من قولهم: "ضعيف". على ما تقدم في قولهم: "صحيح الإسناد وصحيح"، ولا فرق.
الثاني: من جملة صفات القبول التي لم يتعرض لها شيخنا أن يتفق العلماء على العمل بمدلول حديث، فإنه يقبل حتى يجب العمل به.
وقد صرح بذلك جماعة من أئمة الأصول.
ومن أمثلته قول - رضي الله عنه - : وما قلت من أنه إذا غير طعم الماء وريحه ولونه يروى عن النبي [ ص: 495 ] - صلى الله عليه وسلم - من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله، ولكنه قول العامة لا أعلم بينهم فيه خلافا. الشافعي
وقال في حديث: : لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولكن العامة تلقته بالقبول وعملوا به حتى جعلوه ناسخا لآية الوصية للوارث. "لا وصية لوارث"
[ :] أوهى الأسانيد
الثالث: لم يتعرض المصنف للكلام على أوهى الأسانيد كما تكلم على أصح الأسانيد، مع أن قد ذكر الفصلين معا، وتبعه الحاكم فيما خرجه على كتابه، أبو نعيم وأورده والأستاذ أبو منصور البغدادي، تقي الدين القشيري في الاقتراح وغير واحد ممن تأخر عنه، وليس هو عريا عن [ ص: 496 ] الفائدة، بل يستفاد من معرفته ترجيح بعض الأسانيد على بعض، وتمييز ما يصلح للاعتبار مما لا يصلح.
قال : أوهى أسانيد الصديق - رضي الله عنه - : الحاكم صدقة الدقيقي عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عن أبي بكر - رضي الله عنه - .
وأوهى أسانيد العمريين: محمد بن القاسم بن عبد الله بن عمر عن حفص بن عاصم بن عمر عن أبيه عن جده، فإن محمدا والقاسم وعبد الله لم يحتج بهم.
[ ص: 497 ] وأوهى أسانيد أهل البيت: عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن عن الحارث الأعور - رضي الله تعالى عنه - . علي
(وأوهى أسانيد - رضي الله عنه - : أبي هريرة السري بن إسماعيل عن داود بن يزيد الأودي عن أبيه عن - رضي الله عنه - ) . أبي هريرة
وأوهى أسانيد عائشة - رضي الله تعالى عنها - : الحارث بن شبل عن أم النعمان عن عائشة - رضي الله عنها - .
وأوهى أسانيد - رضي الله تعالى عنه - : ابن مسعود شريك عن [ ص: 498 ] أبي فزارة عن أبي زيد عن - رضي الله تعالى عنه - . ابن مسعود
(وأوهى أسانيد - رضي الله عنه - : أنس داود بن المحبر بن قحذم عن أبيه عن أبان عن - رضي الله عنه - ). أنس
وأوهى أسانيد المكيين : عن عبد الله بن ميمون القداح شهاب بن خراش عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن عكرمة ، عن - رضي الله تعالى عنهما - . ابن عباس
وأوهى أسانيد اليمانيين : حفص بن عمر العدني عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن - رضي الله عنهما. ابن عباس
[ ص: 499 ] وأوهى أسانيد المصريين : أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد عن أبيه عن جده عن قرة بن عبد الرحمن عن شيوخه.
وأوهى أسانيد الشاميين : محمد بن سعيد المصلوب ، عن عبيد الله بن [ ص: 500 ] زحر عن علي بن زيد عن القاسم عن - رضي الله تعالى عنه - . أبي أمامة
وأوهى أسانيد الخراسانيين : عبد الله بن عبد الرحمن بن مليحة وإبراهيم عن نهشل بن سعيد عن الضحاك عن - رضي الله تعالى عنهما - . ابن عباس
قلت: وهذا الذي ذكره وتبعه من ذكر عليه غالبه لا تنتهي نسخته إلى الوصف بالوضع، وإنما هو بالنسبة إلى اشتمال الترجمة على اثنين فأزيد من الضعفاء. الحاكم
[ ص: 501 ] ووراء هذه التراجم نسخ كثيرة موضوعة هي أولى بإطلاق أوهى الأسانيد كنسخة أبي هدبة إبراهيم بن هدبة ونعيم بن سالم بن قنبر ودينار أبي مكيس وسمعان وغير هؤلاء من الشيوخ المتهمين بالوضع، كلهم عن - رضي الله تعالى عنه - . ونسخة يرويها أنس بقية عن مبشر بن عبيد عن عن الشيوخ، حجاج بن أرطاة ومبشر متهم بالكذب والوضع.
ونسخة رواها إبراهيم بن عمرو بن بكر السكسكي عن أبيه عن [ ص: 502 ] عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع - رضي الله تعالى عنه - ابن عمر وإبراهيم متهم بالوضع وأبوه متروك الحديث.
ونسخة رواها أبو سعيد أبان بن جعفر البصري أوردها كلها من حديث وهي نحو ثلاثمائة حديث، ما حدث أبي حنيفة منها بحديث، وفي سردها كثرة. أبو حنيفة
ومن أراد استيفاءها فليطالع كتابي: "لسان الميزان" الذي اختصرت فيه كتاب الذهبي في أحوال الرواة المتكلم فيهم وزدت فيه تحريرا وتراجم على شرطه - والله الموفق - .