2371 [ 1190 ] وعن عطاء قال: لما احترق البيت زمن يزيد بن معاوية حين غزاه أهل الشام، فكان من أمره ما كان ، تركه ابن الزبير، حتى قدم الناس الموسم ، يريد أن يجرئهم، أو يحزبهم على أهل الشام ، فلما صدر الناس قال: يا أيها الناس أشيروا علي في الكعبة أنقضها، ثم أبني بناءها، أو أصلح ما وهى منها؟ فقال ابن عباس: فإني قد فرق لي رأي فيها ، أرى أن تصلح ما وهى منها ، وتدع بيتا أسلم الناس عليه ، وأحجارا أسلم الناس عليها، وبعث عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال ابن الزبير: لو كان أحدكم احترق بيته ما رضي حتى يجده ، فكيف ببيت ربكم ، إني مستخير ربي ثلاثا، ثم عازم على أمري ، فلما مضت ثلاث أجمع رأيه أن ينقضها ، فتحاماه الناس أن ينزل بأول الناس يصعد فيه أمر من السماء ، حتى صعده رجل فألقى منه حجارة ، فلما لم يره الناس أصابه شيء ، تتابعوا فنقضوه ، حتى بلغوا به الأرض ، فجعل ابن الزبير أعمدة ، فستر عليها الستور ، حتى ارتفع بناؤه . وقال ابن الزبير: إني سمعت عائشة تقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر ، وليس عندي من النفقة ما يقويني على بنائه لكنت أدخلت من الحجر خمس أذرع ، ولجعلت لها بابا يدخل الناس منه ، وبابا يخرجون منه . قال: فأنا اليوم أجد ما أنفق ، ولست أخاف الناس. قال: فزاد فيه خمس أذرع من الحجر ، حتى أبدى أسا نظر الناس إليه ، فبنى عليه البناء ، وكان طول الكعبة ثماني عشرة ذراعا ، فلما زاد فيه استقصره ، فزاد في طوله عشر أذرع ، وجعل له بابين: أحدهما يدخل منه ، والآخر يخرج منه. قال : فلما قتل ابن الزبير كتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان يخبره بذلك ، ويخبره أن ابن الزبير قد وضع البناء على أس نظر إليه العدول من أهل مكة ، فكتب إليه عبد الملك: إنا لسنا من تلطيخ ابن الزبير في شيء ، أما ما زاد في طوله فأقره ، وأما ما زاد فيه من الحجر فرده إلى بنائه. وسد الباب الذي فتحه . فنقضه وأعاده إلى بنائه .
وفي رواية : قال عبد الملك: ما أظن
أبا خبيب (يعني ابن الزبير) سمع من عائشة ما كان زعم أنه سمعه منها. قال الحارث بن عبد الله : بلى أنا سمعته منها. قال: سمعتها تقول: ماذا؟ قال: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن قومك استقصروا من بنيان البيت ، ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه ، فإن بدا لقومك من بعدك أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه. فأراها قريبا من سبع أذرع.
وفي أخرى : فقال عبد الملك : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن الزبير.
رواه أحمد ( 6/ 239) والبخاري (1586)، ومسلم (1333) ( 402 و 403 و 404)، والنسائي ( 5/ 261).


