الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3292 [ 1266 ] وعن ابن عمر ، قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية إلى نجد ، فخرجت فيها، فأصبنا إبلا وغنما ، فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا ، اثني عشر بعيرا ، ونفلنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعيرا بعيرا .

                                                                                              رواه مسلم (1749) (37).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : ( بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نجد سرية ) إلى قوله : ( ونفلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرا بعيرا ) ; هذه السرية خرجت من جيش بعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نجد ، فلما غنمت قسم ما غنمت على الجيش والسرية ، فكانت سهمان ; كل واحد من الجيش والسرية اثني عشر بعيرا ، اثني عشر بعيرا ، ثم زيد أهل السرية بعيرا بعيرا ، فكان لكل إنسان من أهل السرية ثلاثة عشر بعيرا ، ثلاثة عشر بعيرا . بين ذلك ونص عليه أبو داود من حديث شعيب بن أبي حمزة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، ولهذا قال مالك ، وعامة الفقهاء : إن السرية إذا خرجت من الجيش فما غنمته كان مقسوما [ ص: 538 ] بينها وبين الجيش . ثم إن رأى الإمام أن ينفلهم من الخمس جاز عند مالك ، واستحب عند غيره . وذهب الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد : إلى أن النفل من جملة الغنيمة بعد إخراج الخمس ، وما بقي للجيش ، وحديث ابن عمر يرد على هؤلاء ، فإنه قال فيه : فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا ، اثني عشر بعيرا ، ونفلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرا بعيرا ...

                                                                                              وظاهر مساق هذه الرواية : أن الذي قسم بينهم ، ونفلهم ، هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، حين رجعوا إليه. وفي رواية مالك عن نافع : (ونفلوا بعيرا بعيرا) ، ولم يذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . ومن رواية الليث عن نافع : (ونفلوا سوى ذلك بعيرا بعيرا ، فلم يغيره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وفي كتاب أبي داود من حديث محمد بن إسحاق عن نافع قال : فأصبنا نعما كثيرا ، فنفلنا أميرنا بعيرا بعيرا ، ثم قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقسم علينا غنيمتنا ، فأصاب كل إنسان منا اثنا عشر بعيرا ، اثنا عشر بعيرا ، وما حاسبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي أعطانا صاحبنا ، ولا عاب عليه ما صنع ، فكان لكل رجل ثلاثة عشر بعيرا بنفله . وهذا اضطراب في حديث ابن عمر ، على أنه يمكن أن تحمل رواية من رفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنه لما بلغه ذلك أجازه ، وسوغه . والله تعالى أعلم . أو تكون رواية عبيد الله عن نافع في الرفع وهما ، وبمقتضى رواية ابن إسحاق عن نافع قال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد كما قدمناه آنفا من مذهبهم ، لكن محمد بن إسحاق كذبه مالك ، وضعفه غيره .




                                                                                              الخدمات العلمية