[ منع أن موجب العقد التسليم عقيبه ]
وأيضا قولكم : " إن استحقاق التسليم عقيبه " أتعنون أن هذا موجب العقد المطلق أو مطلق العقد ؟ فإن أردتم الأول فصحيح ، وإن أردتم الثاني فممنوع ; فإن مطلق العقد ينقسم إلى المطلق والمقيد ، وموجب العقد المقيد ما قيد به ، كما أن موجب العقد المقيد بتأجيل الثمن وثبوت خيار الشرط والرهن والضمين هو ما قيد به ، وإن كان موجبه عند إطلاقه خلاف ذلك ; فموجب العقد المطلق شيء وموجب العقد المقيد شيء ، والقبض في الأعيان والمنافع كالقبض في الدين ، والنبي صلى الله عليه وسلم جوز بيع الثمرة بعد بدو الصلاح مستحقة الإبقاء إلى كمال الصلاح ، ولم يجعل موجب العقد القبض في الحال ، بل القبض المعتاد عند انتهاء صلاحها ، ودخل فيما أذن فيه بيع ما هو معدوم لم يخلق بعد ، وقبض ذلك بمنزلة قبض العين المؤجرة ، وهو قبض يبيح التصرف في أصح القولين ، وإن كان قبضا لا يوجب انتقال الضمان ، بل إذا تلف المبيع قبل قبضه المعتاد كان من ضمان البائع كما هو مذهب أهل موجب العقد المدينة وأهل الحديث أهل بلدته وأهل سنته ، وهو مذهب قطعا ; فإنه علق القول به على صحة الحديث ، وقد صح صحة لا ريب فيها من غير الطريق التي توقف الشافعي فيها ; فلا يسوغ أن يقال : مذهبه عدم وضع الجوائح ، وقد قال : إن صح الحديث قلت به ، ورواه من طريق توقف في صحتها ، ولم تبلغه الطريق الأخرى التي لا علة لها ولا مطعن فيها ، وليس مع المنازع دليل شرعي يدل على أن كل قبض جوز التصرف ينقل الضمان ، وما لم يجوز التصرف لا ينقل الضمان ، فقبض العين [ ص: 10 ] المؤجرة يجوز التصرف ولا ينقل الضمان ، وقبض العين المستامة والمستعارة والمغصوبة يوجب الضمان ولا يجوز التصرف . الشافعي