فصل [ ] الحكمة في نقض الوضوء بمس ذكره دون غيره من الأعضاء
وأما قوله : " ونقض الوضوء بمس الذكر دون سائر الأعضاء ، ودون مس العذرة والبول " فلا ريب أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بالوضوء من مس الذكر ، وروي عنه خلافه ، وأنه سئل عنه فقال للسائل : { } وقد قيل : إن هذا الخبر لم يصح ، وقيل : بل هو منسوخ ، وقيل : بل هو محكم دال على عدم الوجوب ، وحديث الأمر دال على الاستحباب ; فهذه ثلاثة مسالك للناس في ذلك . هل هو إلا بضعة منك
وسؤال السائل ينبني على صحة حديث الأمر بالوضوء وإنه للوجوب ، ونحن نجيبه على هذا التقدير ، فنقول : هذا من كمال الشريعة وتمام محاسنها ، فإن مس الذكر بالوطء ، وهو في مظنة [ ص: 64 ] الانتشار غالبا ، والانتشار الصادر عن المس في مظنة خروج المذي ولا يشعر به ; فأقيمت هذه المظنة مقام الحقيقة لخفائها وكثرة وجودها ، كما أقيم النوم مقام الحديث ، وكما أقيم لمس المرأة بشهوة مقام الحدث .
وأيضا فإن مس الذكر يوجب انتشار حرارة الشهوة وثورانها في البدن ، والوضوء يطفئ تلك الحرارة ، وهذا مشاهد بالحس ، ولم يكن الوضوء من مسه لكونه نجسا ، ولا لكونه مجرى النجاسة حتى يورد السائل مس العذرة والبول ، ودعواه بمساواة مس الذكر للأنف من أكذب الدعاوى وأبطل القياس ، وبالله التوفيق .