فصل [ الحكمة في قصر الزوجات على أربع دون السريات    ] 
وأما قوله : " وقصر عدد المنكوحات على أربع ، وأباح ملك اليمين بغير حصر " فهذا من تمام نعمته وكمال شريعته ، وموافقتها للحكمة والرحمة والمصلحة ، فإن النكاح يراد للوطء وقضاء الوطر ، ثم من الناس من يغلب عليه سلطان هذه الشهوة فلا تندفع حاجته بواحدة ، فأطلق له ثانية وثالثة ورابعة ، وكان هذا العدد موافقا لعدد طباعه وأركانه ، وعدد فصول سنته ، ولرجوعه إلى الواحدة بعد صبر ثلاث عنها ، والثلاث أول مراتب الجمع ، وقد علق  [ ص: 65 ] الشارع بها عدة أحكام ، ورخص للمهاجر أن يقيم بعد قضاء نسكه بمكة  ثلاثا ، وأباح للمسافر أن يمسح على خفيه ثلاثا  ، وجعل حد الضيافة المستحبة أو الموجبة  ثلاثا ، وأباح للمرأة أن تحد على غير زوجها ثلاثا ، فرحم الضرة بأن جعل غاية انقطاع زوجها عنها ثلاثا ثم يعود ; فهذا محض الرحمة والحكمة والمصلحة . 
وأما الإماء فلما كن بمنزلة سائر الأموال من الخيل والعبيد وغيرها لم يكن لقصر المالك على أربعة منهن أو غيرها من العدد معنى ; فكما ليس في حكمة الله ورحمته أن يقصر السيد على أربعة عبيد أو أربع دواب وثياب ونحوها ، فليس في حكمته أن يقصره على أربع إماء ، وأيضا فللزوجة حق على الزوج اقتضاه عقد النكاح يجب على الزوج القيام به ، فإن شاركها غيرها وجب عليه العدل بينهما ; فقصر الأزواج على عدد يكون العدل فيه أقرب مما زاد عليه ، ومع هذا فلا يستطيعون العدل ولو حرصوا عليه ، ولا حق لإمائه عليه في ذلك ، ولهذا لا يجب لهن قسم ، ولهذا قال تعالى : { فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم    } والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					