وأما قوله : " وورث ابن ابن العم وإن بعدت درجته دون الخالة التي هي شقيقة للأم " فنعم ، وهذا من كمال الشريعة وجلالتها ; فإن ابن العم من عصبته القائمين بنصرته وموالاته والذب عنه وحمل العقل عنه ، فبنو أبيه هم أولياؤه وعصبته والمحامون دونه ، وأما قرابة الأم فإنهم بمنزلة الأجانب ، وإنما ينتسبون إلى آبائهم ، فهم بمنزلة أقارب البنات كما قال القائل :
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
فمن كمال حكمة الشارع أن جعل الميراث لأقارب الأب ، وقدمهم على أقارب الأم ، وإنما ورث معهم من أقارب الأم من ركض الميت معهم في بطن الأم ، وهم إخوانه أو من قربت قرابته جدا وهن جداته لقوة إيلادهن وقرب أولادهن منه ; فإذا عدمت قرابة الأب انتقل الميراث إلى قرابة الأم ، وكانوا أولى من الأجانب ; فهذا الذي جاءت به الشريعة أكمل شيء وأعدله وأحسنه . .