. فصل
في عقد [ مناظرة بين مقلد وصاحب حجة ] في عقد مجلس منقاد للحق حيث كان . مناظرة بين مقلد وبين صاحب حجة
قال المقلد : نحن معاشر المقلدين ممتثلون قول الله تعالى : { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } فأمر الله سبحانه من لا علم له أن يسأل من هو أعلم منه ، وهذا نص قولنا ، وقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم من لا يعلم إلى سؤال من يعلم ، فقال في { } . حديث صاحب الشجة : ألا سألوا إذا لم يعلموا ، إنما شفاء العي السؤال
وقال أبو العسيف الذي زنى بامرأة مستأجره : " وإنى سألت أهل العلم فأخبروني أنما على ابني جلد مائة وتغريب عام ، وأن على امرأة هذا الرجم " فلم ينكر عليه تقليد من هو أعلم منه ، وهذا عالم الأرض قد قلد عمر ، فروى أبا بكر عن شعبة عاصم الأحول عن الشعبي أن قال في الكلالة : أقضي فيها ، فإن يكن صوابا فمن الله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله منه بريء ، هو ما دون الولد والوالد ، فقال أبا بكر : إني لأستحيي من الله أن أخالف عمر بن الخطاب ، وصح عنه أنه قال له : رأينا لرأيك تبع . وصح عن أبا بكر أنه كان يأخذ بقول ابن مسعود . عمر
وقال الشعبي عن : كان ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفتون الناس : مسروق ، ابن مسعود ، وعمر بن الخطاب ، وعلي ، وزيد بن ثابت ، وأبي بن كعب ، وكان ثلاثة منهم يدعون قولهم لقول ثلاثة : كان وأبو موسى يدع قوله لقول عبد الله ، وكان عمر يدع قوله لقول أبو موسى ، وكان علي يدع قوله لقول زيد . أبي بن كعب
وقال جندب : ما كنت أدع قول لقول أحد من الناس ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { ابن مسعود قد سن لكم سنة ، فكذلك [ ص: 141 ] فافعلوا معاذا } في شأن الصلاة حيث أخر فصلى ما فاته من الصلاة مع الإمام بعد الفراغ ، وكانوا يصلون ما فاتهم أولا ثم يدخلون مع الإمام . : إن
قال المقلد : وقد أمر الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله وأولي الأمر - وهم العلماء ، أو العلماء والأمراء - وطاعتهم تقليدهم فيما يفتون به ، فإنه لولا التقليد لم يكن هناك طاعة تختص بهم .
وقال تعالى : { المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه والسابقون الأولون من } وتقليدهم اتباع لهم ، ففاعله ممن رضي الله عنهم ، ويكفي في ذلك الحديث المشهور : { } . أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم
وقال : من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ، أولئك أصحاب عبد الله بن مسعود محمد أبر هذه الأمة قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم حقهم ، وتمسكوا بهديهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } وقال : { عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي أبي بكر واهتدوا بهدي وعمر ، وتمسكوا بعهد عمار ابن أم عبد } وقد كتب اقتدوا باللذين من بعدي إلى عمر : أن اقض بما في كتاب الله ، فإن لم يكن في كتاب الله فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقض بما قضى به الصالحون . شريح
وقد منع عن بيع أمهات الأولاد وتبعه الصحابة ، وألزم بالطلاق الثلاث وتبعوه أيضا ، واحتلم مرة فقال له عمر : خذ ثوبا غير ثوبك ، فقال : لو فعلتها صارت سنة . عمرو بن العاص
وقال وغيره من الصحابة : ما استبان لك فاعمل به ، وما اشتبه عليك فكله إلى عالمه . وقد كان الصحابة يفتون ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي بين أظهرهم ، وهذا تقليد لهم قطعا ; إذ قولهم لا يكون حجة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال تعالى : { أبي بن كعب فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } فأوجب عليهم قبول ما أنذروهم به إذا رجعوا إليهم ، وهذا تقليد منهم للعلماء
.