الإعراب:
تقدم القول في قوله: كتاب أنـزل إليك .
وقوله: وذكرى للمؤمنين : يجوز أن تكون {ذكرى} في موضع نصب؛ على تقدير: وذكر به ذكرى، ويجوز أن تكون في موضع رفع على إضمار مبتدأ، ويجوز أن تكون جرا حملا على موضع لتنذر به .
والقول في: ولا تتبعوا ، و قليلا ما تذكرون : ظاهر و {ما} فيه: زائدة، و قليلا : منصوب بالفعل الذي بعده.
وكم من قرية أهلكناها : يجوز أن تكون {كم} رفعا بالابتداء، و أهلكناها : الخبر، ويجوز أن يكون موضعها نصبا بفعل مضمر بعدها، ولا يقدر قبلها؛ لأن [ ص: 17 ] الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله، ويقوي كون {أهلكناها} خبرا عن {كم} قوله: وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح [الإسراء: 17]، وشبهه، ولولا اشتغال {أهلكناها} بالضمير؛ لانتصب به موضع {كم}.
ويجوز أن يكون {أهلكناها} صفة للقرية، و {كم} في المعنى هي القرية، فإذا وصفت القرية؛ فكأنك قد وصفت {كم} ؛ يدل على ذلك قوله: وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا [النجم: 26]، فعاد الضمير {كم} على المعنى؛ إذ كانت الملائكة في المعنى، فلا يصح على هذا التقدير أن تكون {كم} في موضع نصب بإضمار فعل بعدها؛ لأن من قال: (أزيدا ضربته) ؛ لا يقول: (أزيدا أنت رجل تضربه) ؛ إذا جعل (تضربه) صفة لـ (رجل).
فجاءها بأسنا بياتا : {بياتا}: مصدر في موضع الحال. وقوله:
والوزن يومئذ الحق : {الوزن}: ابتداء، و {الحق}: يجوز أن يكون خبرا عن {الوزن}، و {يومئذ}: من صلة {الوزن}، والعامل في {يومئذ}: {الوزن}، ويجوز أن يكون {الحق} صفة لـ {الوزن}، و {يومئذ}: الخبر؛ كما تقول: (القتال يوم الجمعة)، وينتصب {يومئذ} على هذا بمحذوف؛ والتقدير: والوزن الحق يقع يومئذ.
[ ص: 18 ] ويجوز إذا قدرت {يومئذ} خبرا عن {الوزن} أن ينتصب {الحق} على المصدر، وإذا قدرت {يومئذ} من صلة {الوزن} ؛ لم تجعل {الحق} صفة لـ {الوزن} ؛ لأن المبتدأ يبقى بغير خبر. والهمز في {معائش} شاذ، وهو على تشبيه الأصلي بالزائد، فهمزت {معائش} كما تهمز (صحائف) ؛ لاشتباههما في اللفظ، وقد جاءت (مصائب) بالهمز، وياؤه ليست زائدة، وأصلها: (مصاوب)، و (معيشة) في قول وكثير من النحويين: (مفعلة)، وقال الخليل: هي (مفعلة) أو (مفعلة)، وصححت ياؤها في الجمع، وهي لا تصح في الواحد؛ لأن الواحد على وزن الفعل، وموافقة الاسم لبناء الفعل توجب في الاسم الإعلال؛ فأعلت (معيشة) كما أعل (يعيش) ؛ كما أعلوا (بابا) وشبهه لما كان بوزن الفعل، [ولم يعلوا [ ص: 19 ] (حولا)، وشبهه؛ لما لم يكن بوزن الفعل]، ولم يعل الجمع؛ لخروجه عن شبه الفعل، وأيضا فإن الجمع يستثقل فيه ما لا يستثقل في الواحد؛ ولذلك قلبوا باب (أول) ونحوه، وصححوا في الواحد في نحو: (عتو). الأخفش
ومن وحد {سوآتهما} ؛ فعلى معنى: سوءة كل واحد منهما؛ كما قال: فاجلدوهم ثمانين جلدة [النور: 4]، ويجوز أن يكون التوحيد جاء من جهة المصدرية، لأن (السوءة) في الأصل (فعلة) من (ساء يسوء)، فوقع التوحيد فيها كوقوعه في سائر المصادر.
وتشديد الواو في {سواتهما} على التخفيف، وهو على مذهب من يجري الواو الأصلية إذا كانت قبل الهمزة مجرى الزائدة.
وكسر اللام من {ملكين} على معنى: ملكين مخلدين في الجنة؛ يقوي [ ص: 20 ] ذلك هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى [طه: 120]، ومن قرأ بفتح اللام؛ أراد ملكين من الملائكة. قوله:
وقوله: إني لكما لمن الناصحين : لا تتعلق اللام من {لكما} بـ {الناصحين} ؛ لئلا تتقدم الصلة على الموصول إذا قدرت الألف واللام بمعنى: (الذي)، لكن تتعلق بمحذوف؛ والتقدير: إني ناصح لكما، ويجوز أن تتعلق اللام من {لكما} بـ {الناصحين} إن قدرت الألف واللام للتعريف.
والقول في: {يخـصفان}، كالقول في {يخـطف} [البقرة: 20].
ومن قرأ: {يخصفان}، أو {يخصفان} ؛ فهو منقول من (خصف يخصف) ؛ بالهمزة أو التضعيف.
* * *