وقوله: فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين الآية:
ذهب بعض أهل التأويل إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى: فإما منا بعد وإما فداء [محمد: 4]، وأنه إما أن يمن عليه، وإما أن يفادى، قاله لا يقتل أسير صبرا، الضحاك، والسدي، وعطاء.
وقيل: إن هذه الآية أعني: التي في هذه السورة- ناسخة لقوله تعالى: فإما منا بعد وإما فداء ، وإنه لا يجوز في إلا القتل، قاله الأسارى من المشركين قتادة، ومجاهد.
الآيتان محكمتان؛ لأن معنى ابن زيد: وخذوهم واحصروهم : خذوهم أسرى؛ للقتل، أو المن، أو الفداء، على ما يراه الإمام.
[ ص: 219 ] وقوله: وإن أحد من المشركين استجارك فأجره الآية:
قال الضحاك، هذا منسوخ بقوله: والسدي: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم .
غيرهما: هو محكم؛ والمعنى: وإن أحد من المشركين الذين أبيحوا أن يسيحوا في الأرض أربعة أشهر استجارك؛ فأجره حتى يسمع كلام الله، فإن لم يسلم؛ فاردده إلى حيث يأمن.
وقوله: ذلك بأنهم قوم لا يعلمون أي: ذلك الفعل منك بهم؛ بأنهم قوم لا يعلمون ما لهم في الإسلام، وما عليهم في الكفر، قاله مجاهد، وغيرهما. وابن زيد،
وقوله: وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم الآية:
استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتل كل وإن كانوا معاهدين، وأكثر العلماء على أن كل من طعن في الدين من الكفار، قتل، واستدل بعضهم على صحة ذلك بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الذمة كعب بن الأشرف، وكان معاهدا.
وروي عن أنه قال: لا يقتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الذمة؛ لأن ما هم عليه من الشرك أعظم، وقد أمر الله تعالى بإقرارهم على كفرهم إذا أدوا الجزية، مع إخباره عنهم بأنهم لا يؤمنون بالله، ولا باليوم الآخر، ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله، ولا يدينون دين الحق. أبي حنيفة
[ ص: 220 ] وقال بعض أهل العلم: محمدا صلى الله عليه وسلم ليس بنبي، أو نحو ذلك من القول؛ لم يقتل، لكن يبالغ في أدبه؛ حتى لا يظهر أحد منهم ما يعتقده، وإن سبه بغير ذلك؛ قتل. إن قال الذمي: إن
واختلف فيه إذا سب، ثم أراد الإسلام؛ فقيل: يقتل، وقيل: لا يقتل.
وقوله: إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا : اختلف العلماء في فقال أهل دخول الكفار المساجد؛ المدينة: الآية عامة في سائر المشركين، وسائر المساجد، فلا يدخل أحد منهم مسجدا إلا لضرورة.
هي عامة في سائر المشركين، خاصة في الشافعي: المسجد الحرام، ولا يمنعون من دخول غيره.
وأصحابه: أبو حنيفة، المسجد الحرام، ولا غيره، ولا يمنع من ذلك إلا المشركون أهل الأوثان. لا يمنع اليهود والنصارى من دخول
الحرم كله مسجد وقبلة؛ فينبغي أن يمنعوا من دخول الحرم. عطاء بن أبي رباح:
واستدل من أوجب بهذه الآية، وهو مذهب الغسل على المشرك مالك، وغيرهما، واستحبه وابن حنبل، ولم يوجبه، قال: إلا أن يعلم أنه جنب؛ فيغتسل. الشافعي،
[ ص: 221 ] وذهب بعض العلماء إلى أن هذه الآية ناسخة لما كان صالح عليه النبي صلى الله عليه وسلم المشركين من ألا يمنع أحد من البيت.